للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: يعني: فليخرج نفسه، وينوي الخروج من إمامته، فإذا فعل، جاز، ولكن هل يتم ظهره أم لا؟ فيه قولان؛ إذ هو ظهر قبل فوات الجمعة.

وقد اقتصر في "التهذيب"- لأجل ذلك- على حكاية جواز الخروج بعذر الزحمة.

وحكاه [في] "الحاوي" وجهاً مع وجه آخر: أنه ليس بعذر يجوز الانفراد، ثم قال الإمام: وما ذكره الشيخ أبو بكر حسن في غير الجمعة، أما في الجمعة فيظهر عندي منعه من الانفراد؛ لأن إقامة الجمعة واجبة، والخروج عنها قصداً مع توقع إدراكها لا وجه له، فإن جوزنا له الخروج، فخرج، وأراد أن يتمها ظهراً، فهل يصح؟ فيه قولان؛ لأنه ظهر قبل فوات الجمعة، وفيه خلاف سبق.

قال: ثم يسجد، أي: عقيب زوال الزحام؛ لأن التأخير كان لعذر الزحمة وقد زال.

قال الأصحاب: ولا يضره سبق الإمام له بالسجدتين؛ لأنه كان معذوراً في التخلف، ومثل ذلك يجوز للعذر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم عسفان صلاة الخوف بجميع [الجيش] وركع بهم، وسجد بطائفة، وحرست طائفة، فلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم والناس من السجود، سجدت الطائفة الحارسة، ولم يضرهم سبقه حيث كانوا معذورين في ذلك؛ كذا هاهنا.

وما ذكرناه مفروض فيما إذا كان الزحام في الثانية أو كان في الأولى، وزال قبل الركوع في الثانية، أما إذا زال عند ركوع الإمام في الثانية، فسيأتي حكمه.

قال الأصحاب: ويستحب للإمام إذا كان الزحام في الأولى، وزال قبل الركوع في الثانية: أن يطيل القيام؛ ليدركه المزحوم، ويقرأ معه الفاتحة.

قال: فإن أدرك الإمام، أي: بعد فعل ما عليه من السجود قبل السلام، أي: وقد كان الزحام في الثانية، أو في الأولى، وزال قبل الركوع في الثانية كما ذكرناه- أتم الجمعة؛ لأنه أدرك مع الإمام ركعة بعضها حسّاً- وهو ما عدا السجود- وبعضها حكماً وهو باقيها؛ فاندرج تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعةً من الجمعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>