على أن من فاتته صلاة في أيام التشريق، فقضاها في الأيام، فإنه يكبر، وهل يكون ذلك قضاء أو أداء؟ فيه وجهان:
فإن قلنا: قضاء، فلا يأتي به؛ لأن التكبير لا يفرد بالقضاء.
وإن قلنا: أداء، فيأتي به.
قال: والمنصوص هذا الوجه؛ فإن الشافعي قال: "لو سلم، وانفصل إلى مكان آخر، كبر فيه، ولا يعود إلى مصلاه"، وهو ما أورده ابن الصباغ والمتولي، وقالا: يكبر حيث ذكره، ويخالف سجود السهو؛ لأن سجود السهو لإتمام الصلاة؛ فلا يجوز بعد طول الفصل، والتكبير لأجل الوقت، والوقت باقٍ.
[الثالث]: إذا كبر الإمام خلف صلاة، والمأموم لا يعتقد استحبابه، فهل يتبعه أو لا؟ ذكر ابن سريج فيه تردداً، وهو وجهان حكاهما الإمام:
أحدهما: نعم؛ كالقنوت؛ لأنه من توابع الصلاة.
والثاني- وهو أصح في "النهاية"-: لا؛ لأنه خارج عن الصلاة، فليجر المأموم فيه على اعتقاده.
قال: وإذا رأى شيئاً من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات- وهي العشر الأول من ذي الحجة- كبر.
قال بعضهم: لورود السنة بذلك.
وقال آخرون؛ لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨]، وقد قال المفسرون: الأيام المعلومات عشر ذي الحجة.
والبهيمة سميت بذلك؛ لأنها لا تتكلم، مأخوذ من: استبهم، إذا استغلق.
قال الأزهري: البهيمة- في اللغة-: معناها: المبهمة عن العقل والتمييز.
والأنعام: الإبل، والبقر، والغنم.
وإذا [قيل]: النعم، فهو الإبل خاصة. والنعم يذكر ويؤنث؛ قاله المبرد.
[قلت: والاستدلال] بالآية يتوقف على معرفة ما قيل فيها.