الجدب ونحوه شرطاً في فعل ذلك، والشيء ينتفي بانتفاء شرطه.
وعلى الوجهين ينبغي أن يتخرّج ما إذا نذر الاستسقاء في سنة الخصب: هل ينعقد نذره أم لا؟ فإن قلنا: إن ذلك لا يستحب- لم ينعقد نذره، وإن قلنا: إنه يستحب- انعقد ولزمه. ولو نذر الاستسقاء: فإن قلنا: إنّ نذر الاستسقاء يلزم الإتيان بالصلاة والخطبة- فالحكم كما تقدم، وإلا انعقد على الأصح. وقد أطلق القاضي الحسين القول بأنه هل يلزمه ذلك أم لا؟ يحتمل وجهين، وصرح بهما الإمام والمتولي.
قال: ويستحب الاستسقاء خلف الصلوات بالدعاء، أي: خاصة؛ لأنه في تلك الحالة أرجى للإجابة، وكذا يستحب في خطبة الجمعة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما ذكرناه من المعنى.
وهذا هو النوع الثاني من أنواع الاستسقاء، وقد بقي منها نوع ثالث لم يذكره الشيخ، وهو الاستسقاء بالدعاء بغير صلاة ولا خلف صلاة ولا في خطبة الجمعة ونحو ذلك، سواء في ذلك حالة الاجتماع وحالة الانفراد، وهو أدنى أنواعه، وأكمله ما ذكره الشيخ أولاً، وأوسطه الوسط، وقد ادعى الرافعي أن كل ذلك وردت به الأخبار، واستدل القاضي أبو الطيب للأخير- مع أنه مجمع عليه- بأن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فعل ذلك حين استسقى بالعباس، رضي الله عنه.
قال: ويستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب؛ لقوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢]، وقد أثنى الله- تعالى- على قوم دعوا لإخوانهم فقال:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ}[الحشر: ١٠]، والقاعدة المستقرة في الشريعة: أن الله- تعالى- إذا مدح شيئاً فقد طلب منا فعله، وإذا ذم شيئاً فقد طلب منا تركه، وأقل درجات الطلب: الندب، ولأن المسلم إذا دعا لأخيه بظهر الغيب قال له الملك: ولك مثله.
والخصب- بكسر الخاء-: ضد الجدب، والجدب- بفتح الجيم وإسكان