قال في "المهذب": [والمستحب أن تكون الغسلة الأولى] بماء وسدر؛ لما روى مسلم عن ابن عباس أن رجلاً وقصته راحلته وهو محرم فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اغسلوه بماء وسدر"، ولأن السدر ينظف الجسم.
قال: ويفعل ذلك ثلاثاً؛ لخبر أم عطية.
قال الماوردي: والثلاث ادنى الكمال، وأوسطه: خمساً، وأكثره: سبعاً، والزيادة عليها سرف.
ومقتضى ما حكيناه عن الشيخ يقتضي أن غسلة السدر تحسب من الثلاث، وقد حكى هو وغيره في حسابها من الثلاث وجهين يأتي تعليلهما وقال في "فوائد المهذب": إن الخلاف غير متصور؛ لأنه إذا وضع السدر عليه ثم غسل بالماء أجزأ وجهاً واحداً؛ لأن الغسل حصل بالماء، لا بالسدر، وإن طرح السدر في الماء ثم غسل به لم يجزئه؛ لأنه تغير به، ولا يكون ماء مطلقاً، وإن كان يسيراً لا يغير الماء لم يحصل الغسل بالسدر، وقد حكى الرافعي الوجهين في الحالة التي ادعى الجزم فيها بعدم الإجزاء:
أحدهما- وهو ما نسبه في "النهاية" إلى أبي إسحاق المروزي-: الاحتساب؛ لأن المقصود من غسل الميت التنظيف، والاستعانة بما يزيد في التنظيف مما لا يقدح.
وأظهرهما: لا؛ لأن التغير به فاحش سالب للطهورية؛ فأشبه ما لو استعمله الحي في غسله ووضوئه، فعلى هذا تلك الغسلة غير محسوبة من الثلاث، وعلى هذا: هل تحسب الغسلة المزال بها السدر بعد ذلك من الثلاث؟ فيه وجهان.
وفي هذه الصورة حكى الشيخ في "المهذب" الوجهين؛ لأنه نسب الاحتساب إلى أبي إسحاق موجهاً له بأنه غسل بماء لم يخالطه شيء، وقال في توجيه الثاني: إنه ربما غلب عليه السدر، وكلام القاضي أبي الطيب يرشد إليه؛ لأنه حكي عن الشافعي أنه قال: وكلما صب عليه الماء القراح بعد السدر حسبه غسلاً واحداً، وهذا وجه