للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وكلام الشيخ يرشد إليه حيث قال: "إذا اجتمع جنائز قدم إلى الإمام أفضلهم، وينوي ويكبر"، فلو كان مستحباً لذكره كما فعل في الكسوف والاستسقاء.

قال: وأولى الناس بذلك- أي: غير الأئمة، كما سيأتي-: أبوه، ثم جده، أي: أبو أبيه؛ لأن المقصود قرب الدعاء من الإجابة، وذلك منوط بمن زاد حنوه وعظمت شفقته، والأب وأبوه وإن علا أوفر شفقةً وأكثر حنوًّا فقدِّما على غيرهما، والأب أكثر في ذلك من ابنه؛ فلذلك قدم عليه.

قال: ثم ابنه؛ لأنه بعد الآباء في الشفقة فكان بعدهما في التقديم، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الميت رجلاً أو امرأة، صرح به القاضي أبو الطيب وغيره، وإن كنا لا نثبت لابن المرأة ولاية عليها في النكاح.

وقال الإمام: كان شيخي يرتب الأولياء في الإمامة ترتيبهم في ولاية النكاح، وفي ألفاظ الشافعي ذكر الولاة، والأولياء بعد الوفاة هم الأولياء في الحياة، والابن لاحظ له في الولاية أصلاً، وهذا الأصل لو ثبت اقتضى تقديم الإخوة وأولياء النكاح على الابن، وهو محل التردد، والظاهر عندي تقديم الابن.

قال: ثم ابن ابنه، أي: وإن سفل؛ لمشاركته الابن في البعضية والتعصيب المقتضي للشفقة والحنوِّ.

قال: على ترتيب العصبات، أشار بذلك إلى أن هذا التقديم مناطه العصوبة فمن قدم بها في الميراث فهو المقدم بعد الأب وأبيه هاهنا، كما صرح به الأصحاب حتى قالوا- كما حكاه القاضي أبو الطيب-: إن المعتق حيث يكون الإرث له يكون له ولاية التقدم في الصلاة عليه، وقال الإمام: لعله الظاهر.

وعند فقد العصبات المقدم من يدلي بقرابة الأم على الأجانب، وهذا مما لا خلاف فيه.

نعم، عبارات بعض الأصحاب تقتضي خلافاً فيمن هو المقدم منهم على غيره منهم، فالذي قاله البغوي: أن المقدم منهم [أبو] الأم ثم الأخ للأم ثم الخال ثم العم للأم. فقدم أبا الأم على الأخ من الأم مع أنه وارث، وعبارة الغزالي تقتضي أن الأخ من الأم مقدم على أبي الأم؛ لأنه قال: ثم إن لم يكن وارث قدم ذوو الأرحام.

<<  <  ج: ص:  >  >>