فإن أردت الجمع بين الكلامين، فالوجه- كما قال الرافعي-: أن يحمل قول الغزالي: "وإن لم يكن وارث"، أي: من العصبات، وعبارة القاضي الحسين: أن المقدم الأخ من الأم، ثم الخال ثم العم للأم، وسكت عن أبي الأم.
وقد أفهم قول الشيخ:"على ترتيب العصباـ" أن من يدلي من العصبات بالأبوين مقدم على من يدلي بالأب فقط: لأن هكذا ترتيبهم في الميراث، وهو ما نص عليه الشافعي في عامة كتبه، وحكى القاضي أبو حامد في "جامعه" والشيخ أبو علي في "الإفصاح" أن للشافعي قولاً آخر: أنهما سواء.
واختلف الأصحاب لأجل ذلك في المسألة على طريقين:
إحداهما: إثبات قولين فيها كما في ولاية النكاح؛ لأن الأم لا مدخل لها فيهما.
والثانية: القطع بتقديم الشقيق؛ فإن الأم لها مدخل في الصلاة على الميت في الجملة وإن لم يكن كمدخل الرجل؛ لأنها تصلي مأمومة ومنفردة.
قلت: وإمامةً عند فقد الرجل كما تقدم وإن كان خلاف الأولى، فقدم بها؛ كالميراث لما كان لها مدخل فيه قدم بها وإن لم يكن لها تعصيب، ويخالف ولاية النكاح وتحمل العقل؛ لأنه لا مدخل لها فيه بحال، وجعل الماوردي الفرق أن لها مدخلاً في الولاية على الميت في غسله؛ فقوي الأخ بها، ولا مدخل لها في النكاح؛ فلم يزدد الأخ بها قوة هناك، وهذا الطريق أصح باتفاق الأصحاب، والطريقان جاريتان- كما قال أبو الطيب- في ابني عم أحدهما أخ لأم.
قال: فإن استوى اثنان في الدرجة، أي: وكل [واحد] منهما يحسن الصلاة- قدم أسنهما، أي: إذا حمدت طريقته كما نص عليه؛ لأن دعاءه أرجى للإجابة؛ قال- عليه السلام-: "إن الله تعالى يستحيي أن يردَّ دعوة ذي الشَّيبة في الإسلام".
قال في "الشامل": ومن أصحابنا من قال: إنه يقدَّم أفقههما ثم أقرؤهما كما في