قالوا: يقف عند صدر الرجل، وعند عجيزة المرأة، ولم يورد الفوراني والغزالي والبغوي غيرها، وكذا أبو الطيب ونسبها إلى قول أبي علي في "الإفصاح"، والإمام نسبها إلى قول الصيدلاني، واستدل كذلك بأن أنساً كان يفعل ذلك، وأنه روجع في فعله، فقال:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقف عند صدر الرجلوعجيزة المرأة". وقد ادعى في "التتمة" أن المذهب ما ذكره الشيخ، وهذا يؤذن بأن للشافعي نصاً فيها، وقد قال الماوردي والصيدلاني- كما حكاه الإمام: إنه لا نص للشافعي فيها، وبالجملة فهذا الخلاف في الأولى، وإلا فلو وقف وهي أمامه كيف شاء أجزأ. نعم، لو تقدم الإمام على الجنازة الحاضرة وجعلها خلف ظهره، فالذي حكاه القاضي أبو الطيب عند الكلام في الصلاة على الغائب: أنه لا يجوز، [و] حكى الإمام عن الأصحاب تخريجه على القولين في تقدم المأموم على الإمام؛ تنزيلاً للجنازة منزلة الإمام، وقال: لا يبعد أن يقال: يجوز التقدم على الجنازة، بل أولى؛ لأنها ليست إماماً متبوعاً حتى يتعين تقدمه، وإنما الجنازة والمصلون على الميت على صورة مجرم يحضر باب الملك ومعه شفعاء، ولولا الاتباع والجريان على سنن الأولين، وإلا ما كان يتجه قول تقديم الجنازة وجوباً. قال الرافعي: وهذا الذي ذكره إشارة إلى ترتيب الخلاف، وإلا فقد اتفقوا على أن الأصح: المنع، وما أيد به في "الوسيط" الجواز من جواز الصلاة على الغائب، وإن كان قد يكون وراءه، فقد تعرض لدفعه في "الوجيز"[اتباعاً للفوراني]؛ بأن سبب ذلك: الحاجة.
قال: وينوي؛ لقوله- عليه السلام- "وإنما لامرئ ما نوى"، ووقت هذه النية ما سبق في سائر الصلوات، وكذا في اشتراط [الإضافة إلى الله – تعالى-] والتعرض للفرضية الخلاف في سائر الصلوات.