أحدهما: أنه لو كان ذلك لنقل، ولكان أولى بالنقل من الصلاة؛ لأن ذلك معجزة على نبوته.
والثاني: أن رؤيته للأرض إما أن تكون لكون الله خلق له إدراكاً يدركها به، أو لتداخل أجزاء الأرض بعضها في بعض، وتكون أرض الحبشة قد جعلت بباب المدينة، والثاني ممتنع؛ إذ لو كان كذلك لكان جميع الصحابة قد رأوها، ولم ينقل، والأول لا يجيء على مذهب الخصم؛ لأن عنده أن البعد من الميت يمنع من صحة الصلاة عليه وإن كان يراه، وأيضاً فكان مقتضاه أن تصح صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده دون سائر الصحابة، ولا وجه لقولهم: إن الحبشة لم يكن بها من يصلي على النجاشي؛ فلذلك صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومثل ذلك يجوز عندنا؛ لأن عندهم [أن من مات بالبادية]، أو بغيرها من المواضع التي يعلم أنه ليس بها من يصلي عليه لا يصلى عليه، وكما تجوز الصلاة على الغائب [الواحد] تجوز على جمع منهم في وقت واحد وإن لم يعرف عددهم ولا أشخاصهم ولا أسماؤهم، مثل أن ينوي الصلاة على الأموات الذين ماتوا في يومه وغسلوا في البلد الفلاني، قاله في "البحر".
قال في "الروضة": وقوله صحيح، لكن لا يختص ببلد، والله أعلم.
ولا فرق عندنا في جواز الصلاة على الغائب بين أن يكون في جهة القبلة من المصلي أو لا والمصلي يستقبل القبلة، ولا بين أن يكون في موضع قد صلي عليه فيه أو لا، وعن "بحر المذهب" فيما سمعته: أن الصلاة على الغائب لا تفعل إلا حيث لم يكن صلى عليه أحد، وكذا كانت قصة النجاشي، وكذا لا