فرق بين أن تكون المسافة بين المصلي وبينه- وهو خارج عن البلد- بعيدة أو قريبة.
واحترز الشيخ بقوله:"غائباً عن البلد"، عما إذا كان في البلد غائباً عن المصلى؛ فإنه لا يجوز أن يصلي عليه بالنية كما جزم به أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما؛ لأنه [لا ضرورة] في ذلك، بخلاف ما إذا كان غائباً عنها، وشبهوا ذلك بالقبلة: لا يجوز لمن هو بمكة أن يصلي إليها بالاجتهاد بل بالمعاينة، بخلاف الغائب عنها، والفرق ما ذكرناه.
وحكى المراوزة في جواز الصلاة عليه في هذه الحالة وجهين، قال القاضي الحسين: وهما كالقولين في جواز تقدم المأموم على الإمام، وشبههما الإمام بالخلاف في نفوذ القضاء على من في البلد مع إمكان إحضاره.
قال: والأمر عندي في تجويز الصلاة أقرب؛ لأن الغرض من الصلاة الابتهال إلى الله- تعالى- في التجاوز عن الموتى، وهذا لا يختلف بالغيبة والشهود، وأما القضاء فإنه يتعلق بأمور معتبرة في الإقرار والإنكار؛ فاشتراط الحضور الممكن أولى وأقرب.
قال: وإن وجد بعض الميت غسل وكفن وصلي عليه؛ لما روي أن طائراً ألقى يداً بمكة من وقعة الجمل، فعرفت بالخاتم، فكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيدٍ، فصلى عليه الناس وفيهم الصحابة، وروي أن أبا عبيدة بن الجراح صلى على رءوس القتلى بالشام، وعن عمر أنه صلى على عظام بالشام، وليس لهم مخالف؛ فكان إجماعاً، لكن هل ينوي [بالصلاة:] الصلاة على جملة الميت، أو على ما وجد منه؟ فيه وجهان في "الحاوي"، والذي أورده الغزالي وغيره: الأول، والذي يفهمه كلام القاضي أبي الطيب: الثاني، بل هو