كالمصرح به؛ لأنه أجاب عن قول الخصم: لو وجبت الصلاة على الجزء الموجود لأدى إلى وجوب تكرار الصلاة- بأن ذلك غير صحيح؛ لأن التكرار هو الصلاة على جزء واحد مرتين، ونحن لا نوجب الصلاة على الميت إلا مرة واحدة، والجزء الثاني غير الجزء الأول، فهو بمثابة أن يجد جزءاً من الميت فنأمره بتكفينه ودفنه، ثم يجد جزءاً آخر فنأمره بذلك أيضاً.
فإن قالوا: ليس الصلاة كالتكفين؛ لأن الجزء الأول لم يستوعب جميع الكفن بل جزءاً منه، وأنتم تأمرون بإكمال الصلاة على الجزء الأول.
فالجواب: أن تبعيض الكفن يصح ولا يستحيل؛ فلذلك بعضناه على الأجزاء. وأما الصلاة فلا يصح تبعيضها؛ فلذلك أمرناه بإكمالها على الجزء.
ثم محل الوجهين إذا لم يعلم أنه صلي على جملة الميت، فإن علم أنه صلي على جملته قال الماوردي: فيخص الصلاة بالعضو وجهاً واحداً. وفيه نظر؛ من حيث إنه يجوز أن يصلي على كل الميت مرة أخرى، نعم، إن كان هذا في حق من [قد] صلى على الجملة فهو صحيح؛ لأن من صلى عليها لا يصلي عليها مرة أخرى على الأصح، ولعل هذا المراد، مع أنه لا يخلو من نظر.
وهذا كله إذا تحقق أن ذلك البعض من مسلم، وكذا الحكم فيما لو وجد في دار الإسلام وقد جهل حاله، قاله ابن الصباغ وغيره، وظاهر كلام الشيخ أنه لا فرق في البعض المذكور بين أن يكون أكثر الجثة أو أقلها، وهو كذلك؛ لما ذكرناه، وكذا قضيته أنه لا فرق بين أن يكون شعراً أو ظفراً أو غيرهما.
وقد حكى ابن الصباغ وغيره في الشعر والظفر وجهين، ادعى البندنيجي أن المذهب منهما: المنع، بعد أن قال: إنه لا نص فيها لصاحبنا، وقال الرافعي: الأقرب إلى إطلاق الأكثرين أنهما كغيرهما كما أفهمه كلام الشيخ. نعم، قال في "العدة": إن لم يوجد إلا شعرة واحدة فلا يصلى عليها في ظاهر المذهب؛ إذ لا حرمة لها.
وإذ قلنا بالغسل والصلاة فلا بد من مواراته بخرقة. ولو كان البعض الموجود قد انفصل من حي وهو باقٍ، نظر: فإن كان من أجزاء الجثة، مثل: أن سقطت يده أو رجله ونحو ذلك، فهل يكون كالبعض من الميت؟
أطلق الماوردي فيه حكاية وجهين، بناهما بعضهم على أن الصلاة في