للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر المذهب- كما قال أبو الطيب- الأول، وادعى الإمام أن مقابله بعيد غير معتد به؛ لأنها طهارة عن حدث فسقطت بالموت كالطهارة الصغرى، ولأن الميت إنما يغسل ليصلى عليه، فإن كان هذا القتيل الجنب لا يصلى عليه فلا معنى لغسله، وحديث حنظلة دليل لنا؛ لأن [ما يتعبد] به الآدمي لا يسقط بفعل غيره، دليله: الغريق؛ فإنه يعاد غسله.

وأما إزالة النجاسة من بدنه، قال الماوردي: فإن كانت من جهة الشهادة لم يجب إزالتها، وإن كانت من غيرها كالبول والخمر وجبت إزالتها، والفرق بينها وبين الجنابة: أنه لماوجب إزالة قليل النجاسة وجب إزالة كثيرها، ولما لم يجب إزالة الحدث الأصغر لم يجب إزالة الأكبر، وهذا منه تصريح بإيجاب إزالة النجاسة وإن زال بسببها أثر الشهادة، وهو وجه حكاه القاضي أبو الطيب وغيره مع آخر: أنه لا يجوز؛ لما في ذلك من إزالة أثر الشهادة.

وحكى الإمام وغيره معهما وجهاً ثالثاً: أنه إن كان في غسلها إزالة دم الشهادة لم يغسلها، وإلا وجب، قال: وهذا أعدل الوجوه، والمسألة محتملة.

والمرأة إذا قتلت في الشهادة حائضاً هل تغسل؟ قال في "الروضة": إن قلنا: الجنب لا يغسل، فهي أولى، وإلا فوجهان حكاهما صاحب "البحر"؛ بناءً على أن غسل الحائض يتعلق برؤية الدم أم بانقطاعه أم بهما؟ إن قلنا: برؤية الدم، فكالجنب، والذي أورده القاضي أبو الطيب: أنها لا تغسل، ورد على من قال: إنه متعلق بانقطاعه بأن الانقطاع: ألا يخرج منها شيء وهذا لا يجوز أن يكون سبباً لوجوب الغسل، وإنما هو سبب لصحة الطهارة دون وجوبها.

قال: بل تنزع [عنه] ثياب الحرب، أي: كالزردية ونحوها.

قال الشافعي: وكذا ما [ليس بعامة] ثياب الناس كالجلود والفراء والجباب المحشوة والخف.

<<  <  ج: ص:  >  >>