ويدفن فيما بقي من ثيابه؛ لرواية أبي داود عن ابن عباس قال:"أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بثيابهم ودمائهم"، وأخرجه ابن ماجه، وروى أيضاً عن جابر- وهو ابن عبد الله- قال:"رمي رجل بسهم في صدره- أو في حلقه- فمات، فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
وهذا إذا رضي به الوارث، وهو الأولى كما قاله البندنيجي وغيره، ومحل الاكتفاء به: إذا كان قدر الواجب من الكفن، فإن كان أقل منه كمل على حسب ما تقدم، صرح به الإمام وغيره.
ولو أراد الوارث إبقاء ذلك لنفسه وتكفينه في غيره- جاز سواء كان عليه أثر الشهادة أو لا؛ لأن صفية أرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بثوبين ليكفن فيهما حمزة، فكفنه في أحدهما، وكفن في الثوب الآخر رجلاً آخر من حلفائه.
قال القاضي أبو الطيب: ولأنا لو قلنا: يجب أن يكفن فيما عليه لعيَّنَّا الثوب الذي يكفن فيه، وتعيين الكفن لا يجوز، وأثر الشهادة فإنما يجب إبقاؤه في البدن لا في الثوب.
أما إذا مات في الحرب لا بسبب من أسباب قتالهم بل حتف أنفه؛ فهو كما لو مات في غير الحرب عند العراقيين والبغوي، وحكى الغزالي في إلحاقه بالشهيد قولين، [والإمام رواهما عن شيخه وجهين]- أصحهما: ما ذكره