وقضية ما ذكره الأصحاب من الحد: أنه لا ينظر إلى جفاف الممسوح من
الرأس قبل غسل ما بعده؛ بل المعتبر - في هذه الحالة - جفافها لو غسلت، وهو
الحق، وقد أعرض بعضهم عن ذلك، وقال: المرجع في ذلك إلى العرف.
ومنهم من يقول: إذا مضى بين العضوين زمان يمكن إتمام الطهارة فيه - انقطع
التتابع.
قلت: فلو اعتبر فيه ما يفوت به تدارك الخلل الواقع في الصلاة - لم يبعد؛ لأن
التتابع فيها شرط بلا خلاف.
وإذا عرفت ما المعنى بالتتابع، فوجه وجوبه: أن مطلق أمر الله - تعالى - يقتضي
الفور والتعجيل، وذلك يمنع التفريق، ولأنه - عليه السلام - توضأ على الولاء، وقال:
"هذاوضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" وعني: إلا بمثله. ولأنها عبادة ترجع في
حال العذر إلى شطرها؛ فوجب أن يكون التتابع من شرطها كالصلاة,] أو لأنها عبادة
يبطلها الحدث؛ فأبطلها التفريق كالصلاة].
قال: فجعله سابعا، أي: فجعل الفرض سبعا. أتى الشيخ بهذه الزيادة؛ دفعا لتوهم
من يتوهمون أن الضمير في قوله: "إليه" يعود إلى الترتيب؛ فلا يزيد الفرض
على الست.
وقد أضاف بعضهم إلى ذلك الماء الطاهر؛ فعده فرضا آخر, وبه تكمل الفروض
ثمانية, حكاه الماوردي.
والجديد: أن التتابع غير واجب؛ لأن ابن عمر روى أن النبي ?"توضأ في
السوق, فغسل وجهه, ويديه, ومسح رأسه, فدعي إلى جنازة, فأتى المسجد, فدعا
بماء فمسح على خفيه, وصلى عليها".