للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني الحمقى.

ووراء ما ذكرناه أمران:

أحدهما: أن ابن الصباغ والقاضي أبا الطيب قالا: وقت التعزية من حين يموت إلى أن يدفن، وعقيب الدفن. وهذا يقتضي أنها لا تمتد إلى الثلاث.

والثاني- قاله البندنيجي-: أن وقتها من حين الموت إلى بعد الدفن، فإن دفن وقعت التعزية ثم انقطعت؛ فتكره التعزية بعد هذا.

ويستحب تعميم الأقارب بالتعزية: الصغير منهم والكبير، والذكر والأنثى، إلا أن تكون شابة فلا، إلا أن يكون المعزي ذا رحم محرم لها، نص عليه، ويتأكد في حق الأكبر منهم فضلاً وديناً، وأقلهم صبراً، أما الكبير الفضل فلما يرجى من إجابة رده ودعائه، وأما القليل الصبر فليسلو فيكثر ثوابه.

ويستحب للمعزى أن يصبر ولا يجزع، قال- عليه السلام-: "من جلَّت مصيبته- وفي رواية: من عظمت مصيبته- فليذكر مصابه بي؛ فإنها أعظم المصائب".

قال القاضي الحسين: والواجب على المؤمن أن يكون جزعه وقلقه وحزنه على فراق النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا أكثر من وفاة أبويه، كما يجب عليه أن يكون عنده أحب من نفسه وأهله وماله.

قال: ويكره الجلوس لها، أي: للتعزية؛ لأن ذلك محدث، والمحدث بدعة؛ فكره، والإعانة عليه بالحضور مكروه أيضاً، بل ينبعث كل واحد منهم في شغله، فيعزى في طريقه، وفي سوقه، وفي مصلاَّه.

قال القاضي الحسين: وقد قيل: أول من جلس للتعزية بمرو عبد الله بن المبارك لما ماتت أخته كيكونة، فدخل عليه مجوسي من جيرانه وقال: حق على العاقل أن يفعل في أول يومه ما يفعل الجاهل بعد الثلاث؛ فأمر عبد الله بن المبارك أن يطوى الفراش، وترك التعزية.

قال: ويقول في تعزية المسلم بالمسلم- أي بالميت المسلم-: أعظم الله

<<  <  ج: ص:  >  >>