وقيل: معنى العذاب: أنه يوبخ إذا ندبوه بذكر الخصال الجميلة والأفعال الحميدة، فيقال له: أكنت كما يقال؟ وهو ضرب من التعذيب، ويؤيده رواية البخاري عن النعمان بن بشير قال:"أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي، [وتقول]: واجبلاه، وكذا، وكذا، تعدِّد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئاً إلا قيل لي: أنت كذلك؟
وقيل: إنه يحتمل أن يكون المراد: أنه يعذب حين البكاء عليه؛ لأنهم يبكون بعد الدفن، وهو يعذب في القبر بجرمه وذنبه إذ ذاك، وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض.
وقيل: يحتمل أن الله قضى وقدر أن يخفف عنه العذاب لو لم يبك أهله عليه، ويزيده عذاباً بذنبه أن لو بكى أهله عليه. وهذا والذي قبله حكاهما القاضي الحسين عن ابن سريج، وأيدا الثاني بأن مثل ذلك جائز؛ فإنه روى: "أنه- عليه السلام- أسر واحداً من عقيل، فحبسه مدة، ثم أمر بإطلاقه، فقيل له: أسرت ثقيف واحداً من المسلمين؛ فأمر- عليه السلام- باستدامة الحبس على العقيلي، فقال: بم أخذت؟ فقال- عليه السلام-: بحلفائك من ثقيف" يعني: استدامة الحبس عليك بجرمك وذنبك؛ لما فعل حلفاؤك من ثقيف، يعني: من أسر