قلت: ولو أخذ بما قلنا: إنه يقطع الموالاة على القديم، لم يبعد.
واعلم: أن الشيخ ذكر في الباب قبله أشياء لم يعدها في هذا الباب من الفرائض
ولا من السنن، وهي استصحاب النية إلى آخر الطهارة، والمبالغة في المضمضة
والاستنشاق والاستعانة. وعد في الباب من السنن ما لم يذكره في الباب قبله، وهو:
البداءة باليمين، ولعله نسيه في الأول؛ فاستدركه في هذا الباب.
وأما ما لم يذكره هنا مما ذكره في الأول؛ فلعله يرى أن السنة ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم على فعله، وهذه الأشياء قام الدليل على طلبها، ولم يصح مواظبته- عليه السلام-
عليها؛ فلذالك لم يدخلها في السنن وإن كانت مستحبة؛ ويرشد إليه قوله:"ويستحب
إذا فرغ من الوضوء أن يقول .. " إلى آخره؛ وحينئذ فيكون مائلا لما قاله أبو حامد في
غسل الكفين ونحوه؛ كما سلف.
وقد أضاف غيره إلى العشرة تطويل الغرة والتحجيل.
وتطويل الغرة: غسل مقدم الرأس حالة غسل الوجه؛ فإن الغرة - كما قال ابن
ظفر في كتابه الملقب بـ "نجباء الأنباء" -: ما استدق من شعر الرأس.
وعن بعض الأصحاب أنه فسره بذلك، مع غسل صفحة العنق، وهو ما حكاه
المتولي.
والتحجيل: غسل ما فوق المرفقين عند غسلهما، وما فوق الكعبين عند غسلهما.
وقد فسر كثيرون - كما قال الرافعي - الغرة بما فسرنا به التحجيل وأعرضوا
عن ذكر ما حوالي الوجه.
والإمام قال: إن الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم تطويل الغرة غسل شيء من عضده.