وطريق الجمع بين النقول: أنه نص في "الأم" على القولين، وفي القديم على الثاني فقط، وكذا حكاه البندنيجي قبيل باب صدقة البقر، وفي موضع من "الحاوي": أنه الذي نص عليه في "الإملاء"، وادعى في "البحر" أنه ظاهر المذهب، وكأن مستنده في ذلك - والله أعلم-: قول القاضي الحسين قبل باب صدقة البقر: إن به أجاب في "المختصر" في مواضع، والمنتصرون للأول قالوا: إنما لم يضمنها إذا تلفت قبل التمكن؛ لأنها في يده أمانة، ولم يفرط؛ فكان كالمودع تتلف الوديعة في يده من غير تفريط، ولا فرق بين الزكاة والصلاة والحج، لأن الإمكان فيهما إنما هو شرط في القضاء، والقضاء هناك يجري مجرى الضمان، وإلا فوجوبهما يتعلق بدخول الوقت، ووجوب الحج يتعلق بوجود الزاد والراحلة، وسيأتي حقيقة القولين وفائدتهما من بعد، إن شاء الله تعالى.
وقد أفهم كلام الشيخ أنه متى وجد ما ذكره وجبت الزكاة، وإن كانت الماشية من العوامل، وهو وجه في المذهب لم يورد الشيخ أبو محمد في "مختصر المختصر" غيره، وصححه البغوي؛ لحصول الرفق بالإسامة، وزيادة فائدة الاستعمال.
قال الرافعي: وفي لفظ "المختصر" ما يمكن الاحتجاج به له، لكن الصحيح في "التتمة" وغيرها، وهو الذي أورده معظم العراقيين: نفي الوجوب؛ للخبر.
أما من ملك دون أقل النصب، وهو في الإبل خمس وفي البقر ثلاثون، وفي الغنم أربعون كما سيأتي في الكتاب، وثم نذكر الدليل على اعتباره- إن شاء الله تعالى- ولا خلطة فلا يجب عليه الزكاة بالاتفاق؛ لما ستعرفه. ولو ملكه فأكثر منه، لكنه لم يتصف بالسوم، فلا يجب اتفاقاً، والدليل على ذلك في الإبل: قوله عليه السلام: "في كل أربعين من الإبل السائمة بنت لبون" وفي الغنم ما روي