أنه عليه السلام قال:"في سائمة الغنم زكاة" وفي كتاب أبي بكر الذي سنذكره: "في أربعين من الغنم السائمة الزكاة"، ووجه الدلالة من ذلك: أن الماشية لما كانت متنوعة إلى سائمة وغير سائمة، وخص الوجوب بحالة السوم دل على انتفائه فيما عداها، وهذا هو المعبر عنه بمفهوم الصفة، وهو حجة عند الشافعي والإمام مالك- رضي الله عنه- وهو الخصم في اشتراط السوم؛ فإنه قائل بالوجوب في السائمة والمعلوفة؛ فلا جرم قامت الحجة عليه بما ذكرناه، ولأن ذلك جنس تجب الزكاة في عينه بحول ونصاب، فوجب أن يتنوع نوعين: نوع تجب فيه الزكاة، ونوع لا تجب فيه الزكاة، كالذهب والفضة.
وإذا ثبت ذلك في الإبل والغنم قسنا البقر عليهما، وقد روي أنه عليه السلام قال:"ليس في العوامل صدقة" ورواية أبي داود: "ليس في البقر العوامل صدقة" وذلك يدل على نفي الزكاة في المعلوفة منها؛ لأن الغالب في العوامل العلف؛ فلذلك أسقط الزكاة فيها، وإلا فالعمل رفق آخر غير النماء فمقتضاه تأكد الوجوب، لا منعه، ويؤيد ذلك أنه روي عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"ليس في الإبل والبقر العوامل صدقة إلا أن تكون سائمة".
والمراد بالسائمة: الراعية في الكلأ المباح؛ فلو رعت في الكلأ المملوك؛ فهل هي معلوفة أو راعية؟ فيه وجهان معزيان إلى "البيان". وسميت السائمة بهذا