للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكى الإمام فيه وجهين، والوجهان المذكوران في تأثير سوم الغاصب في الوجوب، جاريان فيما إذا أسامها المشتري شراء فاسداً، كما ذكره الرافعي وغيره، ويجريان في تأثير علف الغاصب في المنع، إذا غصبها سائمة، أصحهما في "البحر": التأثير وادعى الماوردي أنه مذهب الشافعي؛ لأنها غير سائمة، ومقابله يقاس على ما لو صاغ الفضة المغصوبة حلياً مباحاً، فإن ذلك لا يسقط زكاتها عن المالك، وإن قلنا: إن المالك لو صاغها لسقطت.

ومن قال بالأول فرق بأن علف الغاصب كعلف المالك؛ لأنه طائع فيه و [إنما هو عاص] بغصبه و [صياغة الغاصب تخالف] صياغة المالك؛ لأنه عاص في الصياغة، والصياغة المحرمة لا تسقط الزكاة.

وقد حكى ابن الصباغ أن من قال بعدم تأثير علف الغاصب قال إن علفه محرم، فهو كمسألة الصياغة، وعلى هذا بطل الفرق، لكن ابن الصباغ أبطل التعليل بالتحريم؛ فإن صاحب الماشية لو علفها ما غصبه سقطت الزكاة فإن كان العلف محرماً وخالف الحلي فإن صاحبه لو صاغه صياغة محرمة لوجبت.

وعن الشيخ أبي محمد أنه فصل، فقال: إن علفها بعلف من عنده، فالأظهر أن حكم السوم لا ينقطع؛ لأنه لا تلحق مؤنة بالمالك [ثم].

وقد ألحق البغوي علف المشتري لها شراء فاسداً بعلف الغاصب حتى يكون في انقطاع الحول الوجهان. وعن ابن كج أنه قال: عندي تسقط الزكاة، وينقطع الحول؛ لأنه مأذون من جهة المالك في التصرف؛ فأشبه علفه علف الوكيل، بخلاف الغاصب.

قلت: والأظهر عندي في ذلك بناؤه على أصل ذكره الأصحاب في الأبواب متفرقاً، وهو أن العقد الصحيح إذا تضمن الإذن في شيء فإذا وجد التصرف بمقتضاه في فاسده، هل ينفذ أم لا؟ وفيه خلاف من ذلك إذا قلنا: [إن بيع] المكاتب أو نجوم الكتابة لا تصح فقبضها المشتري: هل يعتق المكاتب، أم لا؟ وفيه خلاف مذكور في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>