للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلنا: لا يعتق المكاتب؛ لأنا لم نجعل للإذن أثراً فكذا هنا، فيكون في انقطاع السوم الوجهان في الغاصب.

وإن قلنا بعتقه، فيجوز أن نقول: [ينقطع السوم، ويجوز أن نقول]: لا، والفرق: أن بيع المكاتب لو كان صحيحاً لم يقتض إلا التسلط على القبض فلا جرم جعلناه إذناً فيه، ولا كذلك ما نحن فيه؛ فإنه ليس يلزم هذا العقد العلف، والله أعلم.

ثم إذا قلنا: لا بد من قصد العلف في إبطال حكم السوم، فقد اختلف المراوزة في معنى القصد: فالذي ذهب إليه الأكثرون - كما قال الإمام- أن الماشية إذا اعتلفت وفاقاً فهي سائمة، وإن علفها مالكها قصداً أثر ذلك، وذكر الشيخ أبو علي في "شرح التلخيص" وجهاً: أن ذلك لا يحصل إلا إذا قصد بالعلف رد السائمة إلى العلف من السوم، فإن علفها قصداً مثل أن يقع ثلج، فيعلفها قصداً منتظراً زواله، ولم يقصد قطع السوم- لم يؤثر ذلك. وهذا ينطبق عليه ما سنذكره عن البندنيجي.

ثم العلف المؤثر في قطع السوم اتفاقاً: ما إذا وجد في كل الحول أو معظمه، ولا يؤثر اتفاقاً فيما إذا وقع بما لا يتمول، وما بينهما هل يؤثر؟ فيه أوجه:

أحدها: نعم، مهما كان، ولو دفعة واحدة، لكن مع نية القطع، وهو ما ادعى البندنيجي في تعليقه أنه المذهب، وحكى في "البحر" عنه أنه حكاه عن نصه في "الأم" وأنه قال في موضع آخر: لا زكاة حتى يسيمها دهرها؛ ولأجل ذلك جزم به الفوراني، وصححه البغوي. وقال الشيخ أبو حامد: إنه أقيس والجزم به هو الذي يقتضيه مفهوم قول الشيخ: إذا ملك نصاباً من السائمة حولاً كاملاً.

والثاني: أن المؤثر منه الأكثر كما تقدم؛ لأن رفق السائمة لا يزول إلا به، وهذا يحكى عن أبي إسحاق وابن أبي هريرة، تخريجاً من أحد القولين في المسقي بماء السماء والدولاب: أنه يعتبر فيه الأغلب، ونقله الماوردي عن أبي حنيفة لا غير، وقال: إنه غلط من وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>