[وحقاق] وفي المائة حقتان [وبنات لبون]، فهل للساعي أن يأخذ الفرض من أحد المالين؟ أو ليس له أن يأخذ من كل مائة [إلا شاة] ومن المائة من الإبل إلا حقتين، ومن الثمانين إلا بنتي لبون؟ فيه وجهان:
المنسوب في "الحاوي" و"تعليق" البندنيجي وأبي الطيب والفوراني في "الإبانة" إلى أبي إسحاق: الثاني، ولا حاجة بهما إلى التراجع. قال الماوردي: وعلى هذا لو أخذ الفرضين من مال أحدهما لم يكن له الرجوع على خليطه؛ لأنه مظلوم بها.
والمعزي إلى ابن أبي هريرة: الأول؛ لعموم قوله:"ويتراجعان بينهما بالسوية"، وهذا ما ادعى القاضي أبو الطيب أنه ظاهر المذهب، وأنه [إذا] أخذ الشاتين من أحدى المائتين رجع صاحبها على خليطه بقيمة شاة.
قلت: وإذا تأملت الوجهين عرفت اتفاقهما على أن المأخوذ ليس شائعاً [في الجميع].
أما على قول أبي إسحاق فظاهر؛ لأنه يقول:"فرض كل منهما شاة"، إذ لو قال [بالشيوع لزمه] التراجع، وقد جزم الفوراني بأنه إذا أخذ من كل منهما شاة ومالهما مائتان على السواء: بعدم التراجع؛ فإنه أخذ من كل منهما ما وجب عليه.
وأما على قول ابن أبي هريرة؛ فإنه لو كان شائعاً لرجع المأخوذ من ماله الشاتان بقيمة نصف الشاتين لا بقيمة شاة، وإذا كان كذلك اتجه طرد ذلك في حالة عدم الإمكان كما تقدم.
لكن الجمهور على أن للساعي أخذ الفرضين من أي المالين شاء عند الإمكان وأنه يقع شائعاً؛ فيرجع المأخوذ مجموع ذلك من ماله على خليطه بالنسبة.
ومثال ذلك: إذا أخذ الحقتين وبنتي اللبون من المائة رجع على صاحبه بأربعة أتساع قيمة الحقتين وبنتي اللبون، ولو أخذ ذلك من الثمانين رجع صاحبها على صاحبه بخمسة أتساع قيمة الحقتين وبنتي اللبون، وعلى هذا القياس في غيرها من الصور.