وخطأ الإمام الفوراني فيما جزم به، وكذا في حكايته عن أبي إسحاق ما تقدمت حكايته عنه، وقال: إنه لم يره إلا في كتابه، وقال: إنه خبط يطرح من المذهب وقد عرفت أن غيره حكاه عن أبي إسحاق مع أنه ضعيف.
قال الأصحاب: ولا يتصور التراجع أو الرجوع في خلطة الأعيان إلا فيما إذا كان الفرض من غير الجنس، كما إذا كان بينهما عشرون من الإبل فما دونها، ولأحدهما غنم دون الآخر، فإن الساعي يأخذ الفرض منها، ويرجع صاحبها على شريكه بالحصة.
قلت: ويتصور فيما إذا كان من الجنس، مثل أن يكون بينهما أربعون من الغنم، لأحدهما في عشرين منها نصفها، وفي العشرين الأخرى نصفها وربعها فيأخذ الساعي شاة منها، فإنه إن أخذها من العشرين التي يملك فيها أحدهما نصفها وربعها، وكانت قيمة الشاة مثلاً أربعة دراهم، رجع صاحب النصف [والربع منها على صاحب الربع] بنصف درهم، وإن أخذها من العشرين التي بينهما نصفين، وقيمتها أربعة دراهم أيضاً رجع صاحب الربع من العشرين الأخرى على صاحب النصف والربع منها بنصف درهم.
والمرجع في القيمة عند الاختلاف إلى البينة، فإن فقدت فالقول قول المرجوع عليه مع اليمين.
ولو كان الساعي قد أخذ فوق الفرض [من] مال أحدهما نظر: فإن [كان الفاضل متميزاً كما إذا أخذ شاتين والواجب شاة، فلا يرجع المأخوذ منه إلا بالحصة من الواجب فقط، وإن كان لا يتميز نظر:
فإن] لم يكن للساعي شبهة في ذلك، كما إذا أخذ الكرام لم يرجع إلا بالحصة من غير كريمة، قال القاضي الحسين: وهذا دليل على أنالفرض يسقط وإن ظلم الساعي وأخذ أكثر، وأن الإمام لا ينعزل بالجور.
وإن كان للساعي شبهة في أخذ الفاضل وتأويل مثل: أن أخذ صحيحة عن مراض، وكبيرة عن صغار، على مذهب مالك- رجع على خليطه بحصته من الفاضل. وقياس هذا: أنه لو أخذ القيمة من أحدهما عن الزكاة؛ اعتماداً على