مذهب أبي حنيفة- أن يرجع على خليطه بحصته منهما، وهو أحد الوجهين في المسألة، ويقال: إنه نص عليه في "الأم"، وعن أبي إسحاق: أنه لا يرجع بشيء؛ لأن القيمة لا تجزئ في الزكاة عند الشافعي بحال بخلاف الكبيرة والصحيحة؛ فإنه لو تطوع بها قبلت، وقد قيل بطرد هذا الخلاف فيما لو أخذ عن السخال كبيرة.
قال: وإن كان بينهما نصاب من غير الماشية، أي: كالثمار والزروع والدراهم والدنانير وعروض التجارة، ففيه قولان:
أصحهما: أنه كالماشية، أي فيزكيان زكاة الخلطة عند الاشتراك في الملك، أو الانفراد فيه والاشتراك في الارتفاق، كما سنذكره؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة"، ولأن المؤن تخف بالخلطة؛ فعلى هذا يشترط في الثمار والزروع: اتحاد الناطور والأكار والعمال والحصاد والملقح والمنقح والنهر، وفي غيرهما: اتحاد الحانوت والحارس والميزان والوزان، والناقد والمنادي والمتقاضي، كما قال البندنيجي.
ومن الأصحاب من قال بعدم جريان هذا القول في خلطة الأوصاف، ويحكى عن اختيار أبي إسحاق، وهو الأصح في "الحاوي" قال: لأنها مأخوذة من الاختلاط، وهذه مجاورة، وما ذكره الشيخ هو الراجح عند الأكثرين، ومنهم البغوي، وهو الذي فرع عليه الشافعي في باب زكاة الثمار من "المختصر"، ولذلك قال في "التتمة": إنه المذهب؛ لأن ما صح فيه خلطة الأعيان صح فيه خلطة الأوصاف كالماشية.
قال في "الحاوي" في باب زكاة الثمار: والوجهان مأخوذان من اختلاف أصحابنا في الخلطة في الماشية بالأوصاف، هل سميت خلطة لغة أم شرعاً؟ فمن قال: لغة: منع من الخلطة، ومن قال: شرعاً، جوز الخلطة هاهنا.
قال: والثاني [أنهما] يزكيان زكاة المنفرد، أي: يزكي كل منهما زكاة المنفرد؛ لقوله- عليه السلام-: "والخليطان ما اجتمعا في الرعي [والحوض