و] الفحل"؛ فدل ذلك على أن ما لا يوجد ذلك فيه لا تؤثر فيه الخلطة، ولأن خلطة المواشي تحصيلها يقع تارة بإزاء ضرر لأرباب الأموال والفقراء، وليس فيما سواها [إلا] الإضرار بأرباب الأموال؛ فإنه لا وقص فيها، فامتنع إلحاقها بالمواشي، وهذا هو القديم.
والقائلون بالجديد قالوا: الحديث مبين لما تقدم من قوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية"؛ فإن ذلك لا يكون إلا في الماشية؛ فكذلك بين الخليطين، لا لأنه أراد جنس الخلطة في كل الأموال. وأما قولهم: إن الخلطة في المواشي لها تأثير في تغليظ الزكاة تارة وتخفيفها أخرى، فهو غير مقصود منها؛ ألا ترى أن الماشية إذا كانت أزيد من أربعمائة لم تفد الخلطة فيها أبداً إلا إضراراً برب المال؟
وسلك الغزالي تبعاً لإمامه طريقاً آخر، فحكى في الثمار والزورع ثلاثة أقوال، ثالثها:[تثبت فيها] خلطة العين دون خلطة الجوار؛ إذ لا تتحد المرافق بالتجاور، وغاية الممكن فيه: اتحاد الناطور والنهر، وأما الدراهم والدنانير فالمذهب: أن خلطة الجوار لا تؤثر فيها؛ إذ لا وقع لاتحاد الحانوت والحارس، وفي خلطة الشيوع قولان.
وما قال هنا: إنه المذهب، جزم به في "الوجيز" تبعاً للقفال؛ فإنه جزم فيها بعدم تأثير خلطة الجوار، وقال: في خلطة الاشتراك قولان. وهي الطريقة التي أوردها الشيخ أبو محمد والصيدلاني، ووافقهما القاضي الحسين على إجراء القولين في خلطة الشيوع، وقال في خلطة الجوار: إنها مبنية على النخل والزرع، فإن قلنا هنا: لا تثبت، فهاهنا أولى، وإلا فقولان، ووجه الفرق: أن تمام الارتفاق إنما يحصل في الذهب والفضة بالخلطة بالشركة، بأن يتصرفا فيه فينتفعا به، ولا يرتفقان في خلطة المجاورة في الحقيقة، والله أعلم.