قال: وعبر بعض أئمتنا بعبارة أخرى وهي قريبة مما ذكرناه آخراً فقال: النظر إلى النفع؛ فإن كان نفع سقية واحدة أكثر وكانت أنجع من سقيات من جهة أخرى فالعبرة بالنفع. قال: وهذا ينفصل عن الذي قبله بشيء وهو أن الفاعل قبل هذا القول يعتبر المدة كما ذكرنا في الشهرين والأشهر، وهذا القائل الأخير لا ينظر إلى المدة، وإنما ينظر إلى النفع الذي يحكم به أهل الخبرة والبصيرة.
قال الرافعي: واعتبار المدة هو الذي ذكره الأكثرون على الوجه الثاني.
قلت: وإذا جمعت بين ما حكاه القاضي والإمام جاءك في المسألة أربعة أوجه، والأوفق لظاهر النص اعتبار ما يعيش الزرع به وينمو كما قال الرافعي.
ولا شك أن النظر إلى السقيات المفيدة دون ما لا يفيد أو يضر على الأوجه كلها، وهذا كله إذا كان النابت مما يسقى عادة بماء السماء أو النضح، فلو كانت العادة سقيه بأحدهما كما إذا كان الزرع أو النخل منشأ على السيح أو النهر أو ماء السماء فمست الحاجة إلى النضح على ندرة الانقطاع، أو كان منشا على النضح فجاء السيل وسقاه فهل يكون الحكم كما تقدم؟ أو ينظر إلى ما جرت العادة به؟ وهو ما وقع ابتداء الأمر عليه؟ فيه وجهان حكاهما القاضي الحسين وغيره، وقال الإمام: إن الصحيح هو الأول، والثاني ضعيف لا أصل له، نعم لو كان التعويل على السيح، فجرى السقي بالنضح وقل قدره فقد يشبه ذلك بالعلف إذا جرى في بعض السنة حتى يقال: لا يسقط حكم السوم ولكن بين الأصلين فرق، وهو: أنه إذا جرى العلف في نصف السنة، والسوم في نصف السنة؛ فالمذهب المتبع. سقوط السوم بالكلية، وفي النضح والسيل لا نقول هكذا، والسبب فيه: أن في السيح والنضح الزكاة، وإنما الكلام في المقدار فاتجه التوزيع أو التغليب، والعلف موجبه إسقاط الزكاة على أنه كان من الممكن أن يسقط [نصف الزكاة] ويجب نصفها نظراً إلى السوم والعلف ولكن لم يصر إلى هذا أحد.
قال: وإن جهل المقدار، أي: فلم يعلم مقدار ما شربه من كل منهما هل هو النصف أو أحدهما أكثر؟ جعل [بينهما] نصفين؛ إذ لا مرجح فوجب