وهذا ما حكاه البندنيجي عن ابن سريج، وهو الذي أورده القاضي أبو الطيب وابن الصباغ من غير عَزْو، والإمام عزاه إلى ابن سريج كغيره، وقال: لا وجه غيره، وإن على هذا يكون الحكم كما لو تحققنا سقيه بهما نصفين، وقد تقدم.
وفي الحاوي: أن ابن سريج قال: يجب عليه ثلاثة أرباع الشعر وأن غيره قال: يأخذ زيادة على نصف العشر بشيء وإن قل وهو قدر اليقين ويتوقف عن الثاني حتى يستبين، اعتباراً ببراءة الذمة وإسقاطاً لحكم الشك.
أما إذا علمنا أن أحدهما أكثر وجهلنا عينه؛ قال في "الحاوي": فإن قلنا بمراعاة الأغلب ففيه نصف العشر، وإن قلنا باعتبار القسط كنا على يقين من قدر الواجب غير أنا نعلم أنه ينقص عن العشر ويزيد على نصف العشر فنأخذ قدر اليقين ونتوقف عن الثاني حتى يستبين.
فرع: إذا اختلف الساعي ورب المال فقال الساعي: سقيته بالسيح فالواجب العشر، وقال رب الملا: سقيته بالنضح فالواجب نصف العشر- فالقول: قول رب المال مع يمينه وهي استحباب؛ لأن دعواه لا تخالف الظاهر، فإن امتنع من اليمين لم يجب عليه إلا ما قاله.
قال: ويجب فيما زاد [على النصاب] بحسابه؛ لقوله- عليه السلام-: "فيما سقت السماء العشر .. " الخبر فاقتضى عمومه وجوب العشر فيما قل وكثر، فلما استثنى منه ما دون خمسة أوسق بقي ما زاد عليها على عموم الخبر.
ولأن ذلك يتجزأ من غير ضرر؛ فأشبه الأثمان.
قال الماوردي، والقاضي الحسين: هذا إجماع لا خلاف فيه.
ولو كانت الثمار أنواعاً نظرت:
فإن كانت قليلة وفي كل نوع متسع أخذ من كل نوع بقسطه على صفته في جودته ورداءته وقيل: يجب في النوع الغالب عنده كما قيل بمثله في الماشية، والأول هو المشهور، والفرق: أن التشقيص في الحيوان محذور بخلاف الثمار؛ ألا ترى أن في المواشي إذا قلنا بالتقسيط فإنا نعتبر فيها الأنواع ونأخذ ما يقتضيه