التوزيع ولا يؤخذ البعض من هذا والبعض من ذاك، وهاهنا بخلافه.
وإن كانت كثيرة وقل مقدار كل نوع منها فثلاثة أوجه عن صاحب "الإفصاح":
أصحها- وهو الذي جزم به البغوي وغيره-: [أن الواجب من الوسط لا من الجيد ولا من الرديء؛ رعاية للجانبين].
والثاني: أن الواجب من كل نوع بالقسط كما إذا قلت الأنواع.
والثالث: أنه يجب من الغالب، وعن ابن كج حكاية طريقة قاطعة به.
قال الرافعي: لو تحمل العشر وأخرج من كل نوع بالقسط- جاز ووجب على الساعي قبوله.
قال: ويجب إخراج الواجب من التمر يابساً؛ لقول عتاب بن أسيد:"أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرص العنب كما يخرص النَّخل، وتؤخذ زكاته زبيباً كما تؤخذ صدقة النخل تمراً" أخرجه الترمذي.
فلو أخرج من الرطب قدراً يكون إذا جف قدر الواجب لم يجزئه؛ لأنه بدل، والبدل لا يجوز في الزكاة من غير ضرورة، وعلى هذا إن كان باقياً رده الساعي إليه وإن كان تالفاً رد قيمته على المذهب في"المهذب" وغيره، وقيل: يرد المثل، وهذا الخلاف مبني على أن الرطب والعنب مثليان أم لا؟ وسيأتي الكلام فيه في الغصب، ولو لم يرده الساعي عند بقائه حتى جف، فإن بلغ قدر الزكاة أجزأه، وإن نقص طلب الفضل، وإن زاد رد الفاضل؛ كذا قاله الماوردي وحكي عن العراقيين.
قال الرافعي: والأولى وجه ذكره ابن كج وهو: أنه لا يجزئ بحال لفساد القبض من أصله. وسأذكر في باب زكاة المعدن ما يقتضي تخريج وجه آخر في المسألة فليطلب منه.