ثم في كيفية أخذ الزكاة من الرطب في المسألتين اختلاف نص؛ فإنه قال في موضع:"يجوز أخذ ذلك كيلا ووزناً"، وقال في آخر:"لا يجوز".
وقال الأصحاب: واختلاف جوابه مفرع على أن القسمة بيع أو إفراز نصيب؟ وفيها قولان:
القديم- كما قال القاضي الحسين هنا-: إفراز، وهو المختار في "المرشد"، فإن قلنا به جاز أخذها بعد القطع كيلا ووزناً كما نص عليه، ويجوز أن يخرصها بالخرص على رؤوس الشجر فيجعل الواجب في نخلة أو نخلات أو كرمة أو أكثر [منها] وللساعي أن يفعل فيها ما يراه [من] مصلحة من بيعها وقسمة ثمنها، أو قسمتها.
وإن قلنا: إن القسمة بيع لم يجز أخذ الزكاة بالكيل والوزن إذا كانت الثمرة مقطوعة؛ لأن ذلك بيع رطب برطب وهو لا يجوز حذارا من الربا، وهو الذي فرع عليه الشافعي حيث قال: لا يجوز، [كما] تقدم ذكره.
وإذا لم يجز إخراجها بالكيل والوزن- تفريعاً على هذا- لم يجز إخراجها بالخرص على رؤوس الشجر من طريق الأولى، فعلى هذا: يسلم رب المال الثمرة كلها إلى الساعي ليحصل قبض الزكاة مشاعاً سواء كانت على وجه الأرض أو على رؤوس الشجر ليستقر ملك أهل السهمان عليها إذ لرب المال دفعها من أي موضع أراد، وإن قلنا: إن الزكاة تجب في العين وبعد التسليم لا يبقى له ذلك.
ثم الساعي يفعل ما يراه أحظ لأهل السهمان من بيعها وقسمة الثمن على الأصناف.
وقال القاضي الحسين: يجوز أن يكون في جواز أخذ الزكاة بالكيل والوزن من الذي لا يجيء منه تمر وزبيب وجهان على قولنا: إن القسمة بيع، بناء على وجهين مذكورين في جواز بيع الرطب الذي لا يتتمر بمثله. إن قلنا: يجوز أخذ الزكاة بالكيل وإلا فلا يجوز، وقد صرح بهما الإمام.