وهو يقتضي ترك الجميع له إذا احتاج هو وأهله إلى أكله وقد رأيته هكذا في "حواشي السنن" للشيخ زكي الدين رحمه الله.
وقد نسب القاضي أبو الطيب وابن الصباغ التأويل الثاني في الخبر إلى بعض الأصحاب، وقالا: إن بعض الأصحاب قال: تأويله: ألا يرضى ربُّ المال بالخرص وألا يسلم الثمرة للساعي بالخرص على أن يضمن له حقه منها تمراً أو زبيبا و [إن] أراد التصرف فإن الساعي يترك له ثلث الثمرة أو ربعها يتصرف فيه على اختياره، فإذا صار ما عدا ذلك تمراً أو زبيباً خرصه وأضاف إليه ثلثه أو ربعه الذي تركه لرب الثمرة حتى تصرف فيه ثم يقبض زكاة الجميع.
قال ابن الصباغ: والأول منهما أولى.
وقال الماوردي: إن الثاني منهما قاله في القديم.
وإذا جمعت بين ذلك كانت التأويلات الثلاثة محكية عن الشافعي، ويجيء وجه في اعتماد مثلها في زماننا، أما إذا لم يرد صاحب المال التصرف في الثمرة فمفهوم كلام الشيخ أنها لا تخرص عليه.
وقد قال الأصحاب: إن الثمار إذا بدا صلاحها أو بدا في بعضها بعث الإمام الساعي ليخرص الثمار على أربابها، فإن اختاروا التصرف ضمنها لهم وأطلق تصرفهم فيها وإن لم يريدوا ذلك وأراد أن يأخذها بخرصها ويرد على ربها الفاضل على قدر الزكاة تمراً أو زبيباً عند جفافها ورضي بذلك ربها- فعل وإن لم يرض بواحد منهما تركها في يده أمانة على وقت وجوب إخراجها، ولا يملك التصرف فيها؛ قاله أبو الطيب وغيره، فإن تصرف فيها فسيأتي حكمه فإن أتلفها ضمنها بمكيلتها تمراً جافاً.
وحكى الماوردي وجهاً آخر: أنه يطالب بأكثر الأمرين من قيمتها [رطباً] أو مكيلتها تمراً جافاً؛ لأن لهم أوفر الحظين من الرطب أو التمر كمن أتلف أضحية معينة نذرها.