والخرص: حزر ما على النخل والكرم من الرطب والعنب تمراً وزبيباً وهو مصدر: خرص يخرص، بضم الراء وكسرها.
والضمان، [قال البندنيجي]: اختلف أصحابنا في معناه:
فقال أبو العباس- يعني ابن سريج؛ كما صرح به في "البحر"-:
إن قلنا: إن الزكاة تجب في الذمة كان معناه: فك الثمرة من الرهن ليستفيد رب المال بالتصرف وإن قلنا: إنها تجب في العين فيملك الفقراء قدر القرض منها كان معنى الضمان أن يقال: أقرضناك هذا الرطب بما يجيء منه تمراً، وجاز هذا القرض لموضع الحاجة.
وقال الشيخ- يعني أبا حامد كما قال في "البحر"-: أجود من هذا عندي أن يقال له: خذ هذا بكذا وكذا تمراً فإن لرب المال أن يعطي العشر من عينها أو مثله من غيرها تمراً، فإذا قال: خذه بما يجيء تمراً فقد أعطاه معنى الزكاة وموجبها.
قلت: وهذا يقتضي أنه لابد بعد الخرص من لفظ يصدر من الساعي يحصل به الضمان، وقول ابن سريج يقتضي أنه لابد من رضا رب المال بذلك؛ لأن القرض لابد فيه من رضا المقترض، وقد صرح بذلك البغوي حيث قال: والخرص [تضمين في أصح] القولين فبعد الخرص يقول الخارص لرب المال: ضمنتك نصيب الفقراء من الرطب ليعطي مكيلته خرصاً ويقبله رب المال. وهو قضية ما حكيناه من قبل عن أبي الطيب وغيره.
وقال الشيخ أبو حامد وغيره من أهل الفريقين: ولا يستقر الضمان عليه إلا بعد التصرف أو الإتلاف حتى لو تلفت أو نقصت في يده من غير تفريط لا يضمن ذلك، ويدل عليه قوله في "المختصر" بعد الكلام في الخرص: ثم يخلي بين أهله وبينه فإذا صار تمراً أو زبيباً أخذ العشر على خرصه، فإن ذكر أهله أنه أصابته جائحة أذهبته أو شيئاً منه صدقوا فإن اتهموا حلفوا.