و] لكني اجتهدت في ذلك، فأدى إليه اجتهادي لم يكن للساعي أن يرجع إليه؛ لأنه لا يلزمه العمل باجتهاد غيره. نعم، قال الماوردي: لو انضاف إلى قوله قول من تسكن النفس إلى قوله من ثقات أهل الخبرة عمل عليهز
وفي الحالة الثانية إذا كان معه مائة خالصة ومائتان مغشوشة، والغش قدر النصف- يخرج من الخالص قدر الواجب وهو خمسة مغشوشة أجزأته عن نصف ما عليه وبقي عليه النصف. ولو كان جميع ماله مائتي درهم خالصة لا غش فيها فأخرج خمسة مغشوشة- لا يجزئه عما عليه بجملته بلا خلاف.
قال أبو العباس في التفريع على "الجامع الصغير": وعليه أن يخرج خمسة دراهم لا غش فيها، وهل له أن يرجع فيما أخرج؟ على قولين.
قال البندنيجي: يعني على وجهين أصحهما في "الرافعي": الرجوع.
وقال في "البحر"[عنه]: إنه قال في هذه المسألة مثل ما قال فيما إذا أخرج الرديء عن الجيد، وقد ذكرنا ما يقتضيه مذهب الشافعي.
قلت: وفي هذا نظر بل الذي يتجه القطع به أنه يجزئه ما في ذلك من الخالص عما عليه، ويبقى الباقي في ذمته يخرجه من النوع الذي وجب عليه لا من جنس آخر، وكلام صاحب "البحر" يقتضي أنه يخرج عن الذهب فضة وبالعكس فتأمل ذلك.
وإن كان المخالط للذهب الفضة وعلم قدر كل منهما، فالحكم كما لو كانا منفردين، ولا يكمل نصاب أحدهما بالآخر.
وإن جهل، قال البندنيجي وغيره: فالحكم فيها كالحكم في المغشوش سواء، فإذا أراد زكاة الفضة جعل الذهب فيها كالغش [وإذا أراد إخراج زكاة الذهب جعل الفضة فيها كالغش] حتى يجب عليه التمييز بالنار عند عدم الاستظهار ليعرف المقدار، ويفرق بين أن يخرج بنفسه، وبين أن يدفع للساعي.
وقال الإمام بعد حكاية التفرقة عن العراقيين: إن الذي قطع به أئمتنا: أنه لا يجوز اعتماد الظن في ذلك. وذكر عنهم أنهم ذكروا هندسة في الاطلاع على