مقدار الذهب والفضة وغير التمييز بالنار، وأهون منها: أن يسبك مقداراً نزراً من المختلط ويقاس به الباقي، فإن عسر ذلك فالوجه التمييز بالنار والهندسة التي أشار إليها قالها الشيخ أبو زيد حيث قال: ولنا في معرفة ذلك طريقان:
إحداهما: أن يطرح المختلط وهو ألف مثلاً في ماء وينظر كم يرتفع الماء ويعلمه في الإناء ثم يرفعه ويطرح من خالص الذهب في ذلك الماء قليلاً قليلاً حتى يرتفع الماء إلى تلك العلامة ثم يرفعه ويزنه، فإذا كان ألفاً ومائتين وضعنا في الماء من الفضة الخالصة قليلاً قليلاً حتى يرتفع الماء إلى تلك العلامة ثم يرفعها ويزنها، فإذا كان ثمانمائة علمنا أن نصف المختلط ذهب ونصفه فضة، وعلى هذه النسبة.
والثانية-[وهي التي ذكرها الفوراني]-: أن يلقي المختلط في الإناء حتى يعلوه الماء ويعلمه، ثم يستخرجه ويطرح في الماء قدر زنة المختلط من خالص الذهب حتى يعلوه الماء ويعلمه، وهذه العلامة تكون أسفل من علامة المختلط، ثم يستخرج ذلك. ويطرح في الماء قدر زنة المختلط من خالص الفضة حتى يعلوه الماء ويعلمه، وهذه العلامة تكون أعلى من علامة المختلط [وحينئذ تكون علامة المختلط] بين علامتي الخالص فينظر ما بينهما، فإن كان بين علامة الذهب وعلامة المختلط قدر شعيرة وكذلك بين علامة الفضة والمختلط- علمنا أن نصف المختلط ذهب ونصفه فضة، وإن كان بين علامة المختلط والذهب قدر شعيرتين وبين علامة المختلط والفضة قدر شعيرة علمنا أن ثلثيه فضة وثلثه ذهب؛ ولو كان بالعكس علمنا أن ثلثيه ذهب وثلثه فضة، وهكذا ينظر في النسبة التي بينهما وترتب الحكم عليها.
ولو كان المختلط- كما ذكرنا- ألفاً وقد عرف أن مبلغ أحد الخليطين ستمائة، والآخر أربعمائة، ولكن لا يعلم ما هو الأقل والأكثر فأخرج زكاة ستمائة ذهب وستمائة فضة- أجزأه؛ لأن ذلك هو الأحوط ولا يجزئه أن يخرج زكاة أربعمائة فضة وستمائة ذهباً، لاحتمال العكس، والاعتياض عن الزكاة لا يجوز عندنا.