للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فن عدل عن القوت الواجب، أي: على قولنا إن الاعتبار بقوته أو بغالب قوت البلد، وفيها قوت غالب، إلى قوت أعلى منه - أجزأه؛ لأنه زاد خيراً فأِبه ما لو وجبت عليه بنت مخاض، فأخرج بنت لبون، وهذا ما أورده الجمهور، وحكاه الماوردي عن النص مع وجه آخر: أنه لا يجزئه؛ لأنه غير ما وجب عليه؛ فأشبه ما لو أخرج عن زكاة الشعير قمحاً، وعن زكاة الدراهم ذهباً.

والفرق على الأول ما قاله القاضي الحسين – رحمه الله – في "تعليقه": إن زكاة الفطر تتعلق بالقوت، والأعلى مما يقتات، وأما زكاة المال فإنها تتعلق بجنس ذلك النصاب الذي وجبت فيه الزكاة؛ فوجب أن يكون المخرج من جنسه.

وأورد الرافعي لنفسه قريباً منه فقال: الزكوات المالية متعلقة بالمال؛ [فأمر أن] يواسي الفقير مما واساه الله تعالى، والفطرة زكاة البدن؛ [فوقع] النظر فيها إلى ما هو غذاء البدن وبه قوامه، والأقوات متشاركة في هذا الغرض، وتعيُّن شيء منها رفقٌ، فإذا عدل [إلى الأعلى] كان في غرض هذه الزكاة؛ كما لو أخرج كرائم ماشيته.

قال: وإن عدل إلى ما دونه ففيه قولان:

أحدهما: لا يجزئه؛ لما فيه من الإضرار بالمستحقين، وهذا ما أورده الماوردي لا غير، سواء قلنا: إن الواجب من قوته أو غالب قوت البلد، وادعى بعض الشارحين أنه لم ير في الكتب المشهورة تفريعاً على اعتبار قوته غيره، وفيه ما ستعرفه. فعلى هذا: هل يسترد ما دفعه إن كان باقياً، وصرح بأنه غير زكاته أو صدقة المدفوع إليه؟ يظهر أن يكون الحكم فيه كما لو أخرج الرديء من النقد عن الجيد منهن وقد ذكرته في باب زكاة الناض، والجامع: أن المقصود القوت، وهو اسم جامع؛ ولذلك جاز إخراج الأعلى [منهما] عن الأدنى، كما أن الذهب والفضة اسم جامع

<<  <  ج: ص:  >  >>