للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنواعهما، ويجوز إخراج الأعلى منهما من الأدنى.

والثاني: يجزئه؛ لأن ظاهر الخبر يقتضي التخيير، فإذا أخرج بمقتضاه وجب أن يعتد به.

قلت: ويشهد لذلك ما تقدم فيما إذا أخرج الرديء من الذهب أو الفضة عن الجيد: أنه يجزئه على رأي، والجامع ما تقدم.

وقد روى القولين هكذا ابن الصباغ وغيره، والقاضي أبو الطيب قال: إن أبا إسحاق المروزي رواهما في الشرح هكذا، وإنه صحح الثاني. وقال في "البحر": إن القاضي هو الذي صححه. فلعله رآه في غير "تعليقه".

قال القاضي: ومن قال بالأول أجاب عن الخبر بأنه ليس بتخيير؛ وإنما معناه: صاعاً من تمر إن كان ذلك غالب القوت، يدل عليه: أن أبا سعيد – رحمه الله – ذكر التمر والزبيب، ولم يكن الزبيب قوتاً لأهل المدينة، وإنما كان قوت أهل الطائف، وهذا كقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [المائدة: ٣٣] فإنها على الترتيب، وإن كان ظاهرها التخيير.

وقد حكى البندنيجي القولين هكذا فيما إذا قلنا: إن الواجب من غالب قوت البلد، فأخرج من الأدنى منه، وقال: إنا إذا قلنا بعدم الإجزاء رجع حاصله إلى [أنه مخير بني قوت البلد وأعلى منه، وإذا قلنا] بالإجزاء رجع [حاصله] أن الأقوات التي يجب فيها [العشر] – وهو مخير فيها – يخرج منها ما شاء ويجزئه.

قلت: ويجوز أن نقول بالإجزاء وإن لم يكن مخيراً في الأصل كما تقدم نظيره، ويشهد له – أيضاً – أن من وجبت عليه الجمعة لو أوقع الظهر قبل فوات الجمعة وفاتته الجمعة، يجزئه ما أوقعه من الظهر عن فرضه على قولٍ، وإن لم يكن مخيراً بين الظهر والجمعة.

نعم، في أصل المسألة قول حكاه الماوردي عن نص الشافعي – رحمه الله – في بعض كتبه: أن الواجب صاع من الأقوات التي تجب فيها الزكاة على التخيير، واستدل له بالخبر، وبان الزكاة مواساة، والتخيير فيها أيسر، والتسوية بين جميعها أرفق، وقد أثبته في

<<  <  ج: ص:  >  >>