للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وإذا كان الرجل يقتات حبوباً مختلفة: شعيراً وحنطة وتمرا ًوزبيباً فالاختيار له أن يخرج زكاة الفطر من الحنطة، ومن أيها أخرج أجزأه، إن شاء الله تعالى"، وهذا يدل على أن الحنطة أعلى الأقوات عنده، وقد حكاه ابن المنذر عن الشافعي – رحمه الله – ولأجل ذلك صححه بعضهم، ووجهه بأنه أزيد في غرض الاقتيات، ولأنه قد اختلف في إجزاء مدين منه، ولم يختلف في أن الواجب من التمر صاع.

قال الماوردي: ولو قيل: إن أولاهما يختلف باختلاف البلاد، لكان مذهباً له في الاعتبار وجه. والأمر [كما قال] كما ستعرفه.

وكما ادعى في "الوسيط" أن البر أشرف من التمر في غرض الاقتيات، [ولا نظر إلى القيمة والتمر أشرف من الزبيب في غرض الاقتيات]، وفي الزبيب مع الشعير تردد، وهذا التردد حكاه الإمام عن شيخه، وأنه كان يتردد في التمر والزبيب وأيهما يقدم على الآخر، وأنه كان يقدم التمر على الشعير.

قلت: وتقديمه التمر على الشعير مع تردده في الزبيب والشعير لا يستقيم معه التردد في التمر والزبيب، بل يتعين بمقتضى ذلك تقديم التمر على الزبيب كما أورده الغزالي، وقال الإمام: إنه الأولى.

وقد حكى القاضي أبو الطيب وغيره وجهاً: أن النظر في الأعلى إلى القيمة؛ فما كان أكثر قيمة فهو المعتبر، واستدل له بقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [آل عمران: ٩٢] وبقوله – عليه السلام – وقد سئل عن أفضل الرقاب: "أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها"، وهذا الوجه قد حكيت جزم البندنيجي به من قبل.

قال الرافعي: وعلى هذا تختلف الأحوال باختلاف [البلاد ولأوقات] إلا أن يعتبر زيادة القيمة في الأكثر.

قلت: وإلى اعتبار زيادة القيمة في الأكثر نظر البغوي حيث قال: لو أخرج التمر

<<  <  ج: ص:  >  >>