للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن القمح أو الشعير، لا يجزئه على الأصح وإنه يجوز إخراجهما عن التمر على الأصح؛ فإن الوجه [إجزاء التمر عن] القمح، وعدم إجزاء القمح عن التمر، وهو [الوجه] الصائر إلى أن النظر إلى القيمة لا إلى الأغلب في الاقتيات؛ فإن الغالب أن قيمة التمر أكثر، ولو كان ناظراً إلى القيمة في كل زمان لم يطلق القول بأنه يجزئ على وجه مطلقاً؛ بل كان يقيده بما إذا لم تنقص قيمته عن القمح، لكن القاضي الحسين قطع بعدم الإجزاء فيما إذا كانت قيمة التمر أقل، والله أعلم.

قال: ولا يجزئ صاع، أي: عن شخص واحد، من جنسين؛ كما لا يجزئ في كفارة اليمين أن يطعم خمسة ويكسو خمسة بلا خلاف عندنا، وحكى الإمام عن بعض الأصحاب وجهاً- قال: إنه غير معدود من المذهب- أنه لو أخرج نصف صاع من شعير حيث يجزئه؛ لكونه غالب قوت البلد، فنصف صاع من بر يجزئه؛ لأنه لو أخرج بقية الصاع شعيراً قبلناه فإذا أخرجه من الأعلى كان أولى بالقبول. وقد نسبه الرافعي إلى رواية بعض المتأخرين، قال الإمام: وهو لا يجزئ بالاتفاق فيما لو استوى الجنسان، وقد أطلق ابن يونس حكاية وجه في الإجزاء من غير تفصيل.

قال: وإن كان [عبد بين] نفسين مختلفي القوت، أي: وفرعنا على أن الاعتبار بقوت الشخص نفسه، كما هو ظاهر المذهب كما قال البندنيجي- فقد قيل: يخرج كل واحد منهما نصف صاع من قوته؛ لأنه لم ينتقص ما عليه. وهذا ما اختاره ابن الحداد، وصححه الرافعي والمتولي، [والنووي] وشبهه بما إذا قتل ثلاثة من المحرمين ظبية، فأخرج أحدهم ثلث شاة، وأطعم الثاني بقيمة ثلث شاة، وصام الثالث عدل ذلك – فإنه يجزئ اتفاقاً، ولو كان القاتل لها واحداً لم يجزئه ذلك على أحد الوجهين.

وقيل: يخرجان من أدنى القوتين، حذارا من ضرر التبعيض اللاحق بالمستحقين والإجحاف بالمخرج؛ فإن من قوته الأعلى يقدر على إخراج الأدنى، ومن قوته الأدنى لا يقدر على إخراج الأعلى؛ فلو كلفناه أن يخرج من الأعلى لأجحفنا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>