اتَّقَوْا} الآية [المائدة: ٩٣] ويقولون: نحن قد اتقينا وعملنا الصالحات، ولا يقال: إنهما كفرا بذلك؛ لأن الإجماع على تحريم الخمر] لم يكن قد استقر، [والآن قد] استقر، ونقل عنهما أنهما رجعا عن ذلك لما قيل لهما: إن الآية نزلت فيما طعموا قبل الإسلام وقبل نزول التحريم لا في المستقبل؛ فمن أباحها الآن فقد كفر.
قلت: وما ذكره القاضي يفهم إفهاماً ظاهراً أن مانعيها في زمن أبي بكر – رضي الله عنه – خالفوا في بقاء الوجوب، [وفي ذلك تعريض] بمخالفة غيرهم من الصحابة فيه أيضاً، وعبارة الماوردي دالة عليه؛ [فإنه قال بعد حكاية مناظرة عمر أبا بكر –رضي الله عنهما – في مقاتلة مانعي الزكاة ورده عليه]: فأجمعت الصحابة معه على وجوبها بعد مخالفتهم له، وأطاعوه على قتال مانعيها بعد إنكارهم عليه؛ فثبت وجوبها بالكتاب والسنة والإجماع.
أما إذا كان قريب عهد بالإسلام، أو نشأ في بادية [بعيدة] عن بلاد الإسلام – فيعذر إلى أن يعرف وجوب ذلك.
وأما أخذها منه؛ فلأنها حق مالي تعلق بذمته أو بماله فلم يسقط بكفره كديون الآدميين.
قال: فإن منعها بخلاً بها، أي: وهو في قبضة الإمام – أخذت منه، أي: سواء كان ماله ظاهرا ً أو باطناً، لما تقدم.
وقال القاضي الحسين في قسم الصدقات، وتبعه المتولي: لأي معنى أخذت منه؟ فيه معنيان:
أحدهما: أن زكاة الأموال الباطنة والظاهرة كانت تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى خلفائه إلا أن عثمان – رضي الله عنه – فوض [صرف زكاة] المال الباطن إلى ربه باجتهاده، فإذا ظهر منه التقصير كان للإمام المطالبة، وعلى هذا لو وجب على شخص نذر أو كفارة لا يطالبه الإمام بإخراجها.
والثاني: أن الزكاة من حقوق الله – تعالى – والإمام نائب عنه، فإذا علم من قوم التقصير فيه استوفاه؛ كما إذا علم من قوم ترك الصلاة أمرهم بها، وعلى هذا يطالب بالنذور والكفارات، وسيأتي في ذلك كلام من بعد. وهل ينوي الإمام عنه