والمعنى فيه: أن الناس في رمضان يكونون أشغل بالطاعات منهم في غير رمضان؛ فلا يتفرغون لمكاسبهم ومعايشهم على حسب ما يتفرغون في غيره من الأيام، وهذه العلة ترشد إلى أنه يستحب الإكثار منها في الأماكن الشريفة المقصودة بالعبادة كمكة والمدينة، وفي الغزو والحج؛ للاشتغال بالعبادة، وبذلك صرح في "الروضة"، وقال: إنه يستحب الإكثار أيضاً في الأوقات الفاضلة: كعشر ذي الحجة، وأيام العيد.
قال الماوردي: ويستحب أن يوسع في رمضان على عياله، ويحسن لذي رحمه وقرابته، لا سيما في العشر الأواخر [منه].
قال: وأمام الحاجات، أي: قدامها بين يديها؛ لأنه أرجى لقضائها – وهو بفتح الهمزة – قال في "الروضة": وكذا يستحب الإكثار منها عند الكسوف والسفر والمرض.
قال: ولا يحل ذلك لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به في كفايته، وكفاية من تلزمه كفايته؛ لقوله – عليه السلام -: "كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع من يعول".
قال: أوفي قضاء دينه؛ لأنه حق واجب عليه؛ فلا يجوز تركه بصدقة التطوع، قال في "الروضة": [وهذه عبارة أبي الطيب] وابن الصباغ والشيخ في "المهذب" و"التهذيب" والدارمي والروياني في "الحلية" وآخرين.
وعبارة الرافعي: أنه لا يستحب له التصدق، وربما قيل: يكره.
قال في "الروضة": وهذه العبارة موافقة لعبارة الماوردي والغزالي والمتولي وآخرين، وهذا أصح في نفقة نفسه، والأول أصح في نفقة عياله، وأما الدين فالمختار: أنه إن غلب على ظنه حصول وفائه من جهة أخرى فلا بأس بالتصدق، وإلا فلا يحل. انتهى.