للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حال كفره، ولا يجب عليه قضاؤه بعد إسلامه؛ فكان بمنزلة الحائض في تركها الصلاة، وهذا ما أورده الماوردي [أيضاً]، وحكاه القاضي أبو الطيب وغيره وجهاً لأصحابنا، وقال: الأصح: أنه واجب عليه ومخاطب به؛ لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} الآية [المدثر: ٤٢]. قلت: وهو ظاهر النص في "المختصر"؛ فإنه قال: وصوم شهر رمضان واجب على كل بالغً من رجل وامرأة وعبد. والكلام فيه محال على كتاب الصلاة. قال: وإن كان مرتداً وجب عليه: لأنه حق التزمه بالإسلام فلا يسقط بالردة كحقوق الآدميين.

قال: وأما الصبي فلا صوم عليه؛ للخبر المشهور، ولأنها عبادة على البدن من شرطها النية؛ فلم تجب على الصبي كالصلاة، وقولنا: من شرطها النية، أخرجنا به العدَّة، فإنها عبادة تجب على الصغيرة لكن النية ليست شرطاً فيها، بدليل ما لو طلقت المرأة ولم تعلم حتى انقضت عدتها حلَّت، على أنها ليست على البدن.

قال: غير أنه يؤمر به لسبع، أي: إذا كان يطيقه، ويضرب على تركه لعشر؛ قياساً على الصلاة، والحكمة في ذلك تمرنه على العبادة.

قال: وما زال عقله بجنون، أو مرض، لم يجب عليه الصوم؛ للخبر المشهور، ولما ذكرناه من القياس، ولا يتلحق به المغمي عليه في ذلك، بل هو ملحق بالنائم بلا خلاف، ولأنه مكلف. قال البندنيجي: نعم، في "تعليق" القاضي الحسين عن القديم إلحاقه بالإغماء؛ فإنه قال: إن الشافعي قال في القديم: لو أصابه لمم أذهب عقله، أو أغمي عليه جميع الشهر –لزمه قضاء الشهر، ولا يلزمه قضاء الصلاة. واللمم: هو الجنون، فجعل الجنون كالإغماء. قال: وإليه ذهب ابن سريج والإصطخري. واقتصر الماوردي وأبو الطيب على [نسبته] إلى ابن سريج لا غير، وخطَّأه [فيه، وقال] أبو الطيب: إنه ليس مذهب الشافعي، والفرق بينه وبين الإغماء: أن الإغماء مرض يحدث مثله للأنبياء، والجنون نقص يزول معه التكليف، ولا يجوز حدوث مثله على الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>