وعن المحاملي أن المزني نقل في "المنثور" عن الشافعي أنه قال: إذا أفاق في أثناء الشهر لزمه قضاء ما مضى كمذهب أبي حنيفة، وألا فلا، وهو ما ادعى الإمام أن العراقيين نسبوه إلى ابن سريج، ولعله لا يصح عنه.
قلت: وكذلك منع البندنيجي نسبة القول الأول إليه أيضاً، وقال: إنه حكى أن المزني حكى في "المنثور": أن الشافعي قال: يقضي ما مضى. وقال أبو العباس: الذي حكاه المزني لا يعرف للشافعي.
فرع: لو شرب دواء حتى زال به عقله، وفاته بذلك رمضان، ثم أفاق بعد الشهر أو في أثنائه-هل يلزمه القضاء أم لا؟
قال: فإن بلغ الصبي، أي: مفطراً؛ لأن الكلام فيما إذا بلغ صائماً سيأتي، ولأنه قرنه بالمجنون يفيق، وسوَّى بينهما [في الحكم]، ولا صوم مع الجنون، أو أفاق المجنون في أثناء النهار - لم يلزمهما صوم ذلك اليوم على ظاهر المذهب؛ لأنهما لم يدركا من الوقت بعد وجود أهلية التكليف ما يمكن فيه الصوم؛ لفقد شرطه وهو النية من الليل؛ فأشبه ما لو طرأ الحيض والجنون على من دخل [عليه] وقت الصلاة ولم يمض قدر ما يؤدي فيه الفرض؛ فإنها لا تجب، وعلى هذا لا يجب قضاؤه، كما لو بلغ الصبي وأفاق المجنون بعد الغروب، وهذا ما حكاه ابن الصباغ عن نصه في "البويطي" فيهما وصححه.
وخلاف ظاهر المذهب: أنه يلزمهما كما تلزمهما الصلاة بإدراك جزء من آخر وقتها وإن كان لا يسعها، وكونه لا يصح صومهما فيما أدركاه من الوقت لا يقدح في الوجوب، دليله: وجوب الصوم على الحائض؛ فعلى هذا يلزمهما قضاء يوم كامل.
والقائلون بالأول فرّقوا بينه وبين إدراك آخر وقت الصلاة بأنه لم يمكنه أن يتم الصلاة خارج الوقت؛ فكان إدراك بعضها موجباً لكلها، ولا كذلك في الصوم؛ لأنه