نفسه؛ فلا يلزم أهل البلد التي لم ير فيها قضاء يوم، وقد حكى القاضي أبو الطيب في "تعليقه" هذا الوجه الأول، ولم يرجح واحداً منهما، وجزم القاضي الحسين في "تعليقه" والبغوي والمتولي بأن ما تقارب من البلاد حكمهم واحد، وفي المتباعد وجهان: أصحهما عند القاضي: التعميم. وإن اقتضى نظم كلامه ترجيح مقابله، وهو الذي صححه في "التهذيب" و"الروضة"؛ لأن كريباً أخبر عن ابن عباس وهو بالمدينة، أنه رأى الهلال بالشام ليلة الجمعة، فقال ابن عباس: لكنَّا رأيناه ليلة السبت؛ فلا نزال تصوم حتى نرى الهلال أو نكمل العدد ثلاثين، فقال له كريب: أما يكفيك رؤية معاوية والناس؟ فقال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه مسلم بمعناه.
قال القاضي الحسين: واختلف في قوله: "هكذا أمرنا": فمنهم من قال: أراد به قوله: " [صوموا] لرؤيته ... " الخبر، ومنهم من قال: هو كان يحفظ حديثاً أخص منه في هذه الحادثة.
وعلى هذا لو شك في التقارب، قال في "الروضة": لم يجب الصوم على الذين لم يروا؛ لأن الأصل عدم الوجوب. وعلى خلافه، وهو إذا جعلنا للبعد أثراً فما ضابطه؟ فيه وجهان في "التتمة":
أحدهما – وهو ما أورده الغزالي والبغوي تبعاً للفوراني والأصحاب، كما قال الإمام-: مسافة القصر.
والثاني: اختلاف المطالع، وقد أبداه الإمام احتمالاً لنفسه، ثم قال: ولكن لا قائل به؛ فإن درك هذا يتعلق بالأرصاد والتموردات الخفية، وقد تختلف المناظر في