المسافة القاصرة عن مسافة القصر للارتفاع والانخفاض، والشرع لم يبن على إلزام مثل هذا، وإلى هذا أشار الغزالي في تعليل قوله:"إنه لا ضابط إلا مسافة القصر" أن تحكم المنجم قبيح شرعاً، وحكى القاضي الحسين مع هذا الوجه وجهاً آخر: أنه انقطاع القوافل، فإن لم تكن منقطعة بينهما فهما متقاربان.
فرع: حيث قلنا: لكل بلد حكم نفسها، لو سافر شخص من بلدة رئي فيه الهلال إلى بلدة لم ير فيها، وتم له ثلاثون يوماً، ولم ير الهلال في البلدة التي سافر إليها – فهل يفطر أم لا؟ فيه وجهان، قال في "التتمة": يقربان من الوجهين فيما إذا صاموا بشهادة واحدٍ ثلاثين يوماً ولم يروا الهلال. والذي أورده القاضي الحسين: وجوب الإفطار، والمنسوب إلى القفَّال مقابله، [وهو] الذي أورده في "الإبانة" والغزالي، وحكى الإمام عن الأصحاب القطع به؛ لأنه روى عن ابن عباس أم كريب بالصوم معهم بعد إكماله ثلاثين يوماً بحكم رؤيته. نعم، حكى عن شيخه فيما إذا أصبح معتداً مفطراً لرؤية هلال شوال، فجرت به السفينة إلى قطر لم ير الهلال فيه – أنه يلزمه الإمساك تشبهاً. قال: وعندي فيه نظر؛ فإنه ليس فيه أثر، واليوم الواحد يبعد أن يتبعض حكمه وقد عاين الهلال في ليلته في البقعة الأولى.
وعكس هذا الفرع: لو سافر شخص من البلد الذي لم ير فيها الهلال إلى بلدة رئي فيها، وأقام فيها إلى أن أفطر أهلها- فهل يفطر معهم؟ نظر: إن أفطروا بالرؤية وافقهم، وإن أفطروا بإكمال العدد فهل يفطر معهم؟ فيه وجهان في "التتمة".
قال الإمام: ولا فرق في ذلك بين أن يكون من ذكرناه قد نوى الإقامة أو لا.
تنبيه: الهلال إنما يكون هلالاً الليلة الأولى والثانية والثالثة، ثم هو قمر، قاله الجوهري وغيره.
وحكى في "المهذب" خلافاً فيما يخرج به عن هذه التسمية وتسميته قمراً، فقيل: إذا استدار، وقيل: إذا بهر ضوءه.