وقوله:"غم عليكم"، قال العلماء: هو من قولهم: غممت الشيء، إذا غطيته، وغمَّ علينا الهلال غمًّا، وغمِّي، وأغمي، فهو مغمى.
قال: وإن رأوا الهلال بالنهار، أي قبل الزوال أو بعده، فهو لليلة المستقبلة؛ لقوله – عليه السلام -: "صوموا لرؤيته" أي: بعد رؤيته، كقوله:{أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}[الإسراء: ٧٨] يعني: بعد طلوع الشمس، ولأن الخصم – وهو أبو يوسف وأبو ثور وغيرهما – قد وافقنا على أنه لو رئي بعد الزوال لكان لليلة المستقبلة؛ لأنه أقرب إليها، بخلاف ما قبل الزوال؛ فنه أقرب إلى الماضية، فنقول له: الاعتبار بالقرب والبعد إلى وقت ظهوره وهو أول الليل، وإذا رئي قبل الزوال فهو أقرب إلى الليلة المستقبلة من الماضية؛ فكان كما لو رئي بعد الزوال، وقد روي عن عمر وعلي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وأنس ابن مالك أنهم قالوا: إذا رئي الهلال يوم الشك فهو لليلة المستقبلة. ولا مخالف لهم.
وقد أفهم كلام الشيخ أن ما ذكره مقصور على هلال رمضان، ولا فرق [فيه] بينه وبين هلال شوال وغيرهما عندنا، لما روت عائشة:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوم الثلاثين صائماً، فرأى هلال شوال بالنهار، فلم يفطر حتى أمسى"، وروى عن أب وائل أنه قال: أتانا كتاب عمر ونحن بخافقين: "إن الأهلة بعضها أعظم من بعض، فإذا رأيتم الهلال بالنهار فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس"، كذا ذكر في "التتمة" الحديث والأثر، وغيره يروي: بخانقين.