وبالقياس على هلال شوال. وأما حديث الأعرابي [وابن عمر] فيحتمل أن يكون [شهد] عند رسول الله صلى الله عليه وسلم [قبلهما] غيرهما، فأمر الناس بالصوم لذلك، وهذا قاله في القديم كما قال أبو الطيب ونقله البويطي، وقال الفوراني: إنه أقيس.
والجمهور على تصحيح الأول، ومنه من قطع به، وتعزى هذه الطريقة إلى أبي إسحاق، والقائل بها قال: حديث عبد الرحمن نحن قائلون به؛ فإنه إذا شهد ذوا عدل وجب الصوم، وأيضاً فالنبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصوم والفطر والنسك؛ فلذلك ذكر ذوي عدل، لأن الفطر والنسك لا يقبل فيهما أقل من شاهدين، والقياس على سائر الشهادات غير منتظم، لأن حكم الشهادات مختلف: فالزنى لا يقبل فيه إلا أربعة، والحدود والقصاص تثبت برجلين، والأموال تثبت بشاهد وامرأتين وشاهد ويمين، وإذا حلف لم يجز اعتبار بعضها ببعض كما في أعداد ركعات الصلاة، والفرق بين هلال رمضان وشوال: أنه لا تهمة تلحق الشاهد في رمضان، لأن ما يدعيه من لزوم الصوم يلزمه كغيره، والعدد في الشهادة لإزالة التهمة، ولا كذلك في شوال؛ فإن التهمة لاتلحقه، ولأن في ذلك احتياطاً للعبادة كما أشار إليه الشافعي ويوافقه قول علي - كرم الله وجهه - وقد شهد عنده واحد برؤية هلال رمضان:"لأن أصوم يومً من شعبان أحبُّ إليَّ من [أن أفطر] يوماً من رمضان"، وصام وأمر الناس بالصيام، مع أنه كنا يحتاط في الشهادة ويبالغ فيها حتى نقل عنه تحليف الشهود، وربما قيل: إن هذا هو الأثر الذي راعاه [الشافعي].