وأما قولهم: إنه يحتمل أن يكون قد شهد عند النبي صلى الله عليه وسلم قبل الأعرابي وابن عمر غيرهما – فالجواب: أنه لو كان لنقل، ولأن الحكم إذا نقل معه السبب كان بمنزلة العلة للحكم ثم ثبت أن العلة لا يجوز الزيادة فيها، فكذلك السبب، ويدل عليه: ما روى طاوس عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل شهادة الواحد في هلال رمضان، ولا يقبل الواحد في هلال شوال).
التفريع: إن قلنا بالصحيح فهل يسلك بقول الواحد مسلك الشهادة أو مسلك الرواية؟ فيه وجهان حكاهما القاضي أبو الطيب في شهادة النساء قولين وأصحهما في (الرافعي) الأول، [ويدل عليه قصة الأعرابي، واختار أبو إسحاق المروزي الثاني]، يدل عليه قول ابن عمر.
فإن قلنا بالأول، اشترطنا مع العدالة الحرية والذكورة ولفظ الشهادة، وهو ما ادعى القاضي الحسين –على هذا- أنه ظاهر المذهب.
ويشترط الإقامة في مجلس الحكم كما قال الإمام، وهل يجوز فيه الشهادة على الشهادة؟ فيه وجهان حكاهما المراوزة كالوجهين في جوازها في حدود الله تعالى، والأصح –كما قاله الشيخ أبو علي-: [القطع] بالجواز؛ فإن سبب الاختلاف [في الحدود] شبهة وكون المشهود به عقوبة متعرضة للسقوط بالشبهات، والأمر هنا على نقيض ذلك، وعلى هذا: هل يشترط العدد في شاهد الفرع؟ فيه وجهان، المذكور منهما في (التهذيب): اشتراط العدد، وإن قلنا بمقابله قبلناه من الأمة