للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البندنيجي أيضاً فيها.

وحكى المتولي القولين فيما إذا قامت البينة قبل الأكل، وحكى وجهين فيما إذا كان قد أكل مرتين على القولين.

فإن قلنا فيما إذا كان [لم] يأكل: إنه لا يحرم الأكل، فهنا أولى، وألا فوجهان، والصحيح أنه لا يباح له الأكل في بقية النهار؛ لما ذكرناه، وقد قال الإمام في كتاب الظهار عند الكلام فيما يقطع التتابع: إن الخلاف في مسألة الكتاب يجري فيما لو نسي النية من الليل، وإن الرأي الأصح [أنه] يلزمه، وإن كان الإمساك في حكم التغليظ، وحكاهما في "الإبانة" فيما إذا أصبح غير صائم، وهذا يحتمل أن يكون أراد به ما إذا لم ينو عمداً أو سهواً.

فرع: ما وجب من الإمساك هل هو صوم شرعي أم لا؟!

حكى الماوردي فيه وجهين، ولو كان قد أكل:

أحدهما –وهو قول أبي إسحاق-: أنه يسمى: صوماً شرعياً؛ لوجوب الإمساك فيه.

والثاني- وهو قول أكثر الأصحاب-: أنه إمساك واجب، فأما أن يكون صوماً شرعياً فلا؛ لأنه لا يقع الاعتداد به عن رمضان ولا عن غيره.

والإمام حكى الوجهين عن العراقيين فيما إذا أفسد الصوم، والبندنيجي حكاهما فيما إذا طلع عليه الفجر وهو غير ناوٍ، وأفهم كلامه تقييدهما بما إذا لم يأكل، وهي الصورة التي حكى ابن الصباغ فيها عن أبي إسحاق أنه يكون صوماً شرعياً.

قال الإمام: ولست أرى في هذا الاختلاف فائدة؛ لأنه لو جامع فيه لم يلزمه بسببه شيء غير المأثم. نعم لو أصبح غير ناوٍ، ونوى التطوع بالصوم قبل الزوال، فالذي ذهب إليه الجماهير: أن الصوم لا يصح، وذهب أبو إسحاق إلى صحة الصوم. ووجه الرد عليه: أن الإمساك واجب، ولو صح تطوعه بالصوم، والصوم إمساك منوى، لوقع الإمساك عن جهة الوجوب متطوعاً به عن جهة التطوع، وهذا متناقض وأيضاً: فإن المسافر عندنا يتطوع بالصوم في سفره، وإن كان يسوغ له الإفطار، وسببه: أن

<<  <  ج: ص:  >  >>