ابن الحداد، فقد قال القفال وغيره: إنه غلط فيه، وإنما أجاب على أصل أبي حنيفة؛ فإنه التقط هذه المسألة من كتبه، ووجه غلطه: أن الشافعي نص في "الأم"، و"أمالي" حرملة على الفطر؛ لأن الشاهدين لو شهدا على رؤية هلال شوال والسماء مصحية، يجب على الحاكم أن يقبل شهادتهما ويحكم بها، وإذا جاز قبول شهادتهما ابتداءً؛ فتبعا من طريق الأولى؛ ولأجل ذلك قال الإمام: إنه غير معدود من المذهب.
ثم ما محل الوجهين في مسألة الكتاب؟ فيه طريقان في "التهذيب" و"التتمة":
أحداهما: إذا كانت [السماء] مصحية، أما إذا كانت مغيمة، فيفطرون قولاً واحداً، وهي التي أوردها في "العدة".
وفي مثل هذه الحالة وافق ابن الحداد على الفطر في مسألة الشاهدين.
والثانية- وهي الموافقة لإيراد الغزالي والأكثرين؛ كما قال الرافعي -: أنهما يجريان في الحالين.
ورأيت في "شرح الفروع" للقاضي أبي الطيب حكاية الخلاف في حالة الغيم خاصة، والسكوت عن حالة الصحو، وهذا يجوز أن يكون طريقة ثالثة، وفي هذه الحالة حكى في "التتمة" نص الشافعي في "الأم" على الفطر.
قال: وإن اشتبهت الشهور على أسير، تحرى وصام، أي: ما غلب على ظنه أنه رمضان؛ كما يتحرى في القبلة عند الاشتباه، ويصلي إلى الجهة التي يغلب على ظنه أنها القبلة، والتحري في حقه يكون بالنظر في التواريخ المتقدمة، والحر، والبرد والخريف والربيع.
قال: فإن وافق الشهر، أو ما بعده – أي: إذا فك أسره، وظهر له أنه وافق الشهر أو ما بعده- أجزأه.
ووجهه إذا وافقه: أنه أدى العبادة بالاجتهاد عن أمارة، وقد صادفت الوقت فأجزأته، كالصلاة إذا خفي عليه وقتها فأداها بالاجتهاد، ثم ظهر أنه أوقعها في وقتها.
وأما إذا وافق ما بعده، فالقياس على ما لو أخطأ الناس في العدد، فوقفوا في العاشر؛ فإنه يجزئهم.