وقد خرج بقولنا:"اللبث"، العبور في المسجد عن أن يكون اعتكافاً وهو المشهور، ولمي ذكر في "الوجيز" غيره، ومن جوزه من أصحابنا لم يخالف في الحقيقة ما ذكرناه، ولكنه اكتفى بالحضور في المسجد كما اكتفى بالحضور في عرفة في تحصيل الركن، فإن كان قد أوجب باسم الوقوف، فهو مشعر بالمكث إشعار العكوف.
و [خرج] بقولنا: "والإقامة" ما إذا جلس وقام عقيب جلوسه؛ فإنه لا يحصل له الاعتكاف، كما حكاه في"البحر" عن ابن سريج، وقال إن أبا حامد استجاده، وعليه ينطبق قول الإمام: إن من لم يكتف بالمرور من أصحابنا يقول: لابد من لبث، ولا يكفي فيه ما يكفي في الطمأنينة في الركوع؛ فإنا قد أوضحنا أنه يكفي في إقامة الفرض فيها انفصال آخر حركه الهوى عن أول حركة الرفع [عن الركوع]، وكان الغرض تحصيل تصور الركوع مع فصله عما قبله وبعده، وأما هذه القربة فشرط تصورها عند هذا القائل: اللبث، فليكن محسوساً. قال: وعند هذا لقائل لو كان الشخص يتردد [في أرجاء المسجد فهو معتكف، وقد يكون زمانٍ] تردد من يصح اعتكافه أقل من زمان [من] يدخل من باب ويخرج من باب.
و [خرج] بقولنا: "في المسجد، بقصد القربة من مسلم عاقل [طاهر] صاح" ما ستعرفه.
وأردنا بقولنا:"كاف نفسه عن قضاء شهوة الفرج"، [وهي عبارته في "الوسيط" - الكف عن الجماع في الفرج] وعن المباشرة في غير الفرج إلى أن يتصل بها الإنزال؛ فإنه مناف له، ويفسد به على الأصح بالاتفاق، وبعضهم قطع به، لكن هذه العبارة تقتضي التسوية بين ما إذا باشر [فيما دون الفرج] فأنزل، أو استمنى فأنزل؛ لأنه في كل منهما لم يكف نفسه عن شهوة الفرج وهي الإنزال؛ ولذلك سوى الرافعي بينهما، وغيره من الأصحاب بنى الاستمناء على المباشرة، فقال: إن قلنا: المباشرة مع