الإنزال لا تفسد، فالإنزال بالاستمناء أولى، وإلا فوجهان: قال القاضي الحسين: أصحهما: أنه لا يبطل؛ لأنه لم يكمل له الالتذاذ، وهناك [قد] كمل له الالتذاذ، باصطكاك البشرتين، وعلى كل حال فهذه العبارة أحسن من قوله في الوجيز:"الكف عن الجماع".
وهل يشترط الكف عن مقدمات الجماع؟ [فيه] قولان. وإنما قلنا ذلك؛ لأن المفهوم من لفظ "المقدمات": المعانقة والقبلة ونحو ذلك، لا الإنزال بما ذكرناه؛ فلا يكون داخلاً في حده، مع أن الخلاف في الجميع.
وأيضاً: فقد يفهم من لفظ "المقدمات": أن من شرطه ترك الطيب على أحد القولين أخذاً من قول الأصحاب إنه لا يستفيد بالتحلل الأول في الحج استباحة الوطء، وهل يستفيد [حل] الطيب؟ فيه خلاف، ومأخذ المنع: ان الطب من دواعي الوطء؛ فلم يبح كهو، ولا خلاف في أن الكف عنه ليس من شرط الاعتكاف، بل للمعتكف أن يتطيب كما له أن [يرجل] شعره، ويزوج ويتزوج بخلاف المحرم.
وقد اقتضى ما ذكرناه من عبارة "الوسيط": أن الكف عن مقدمات الجماع بدون الإنزال لا يشترط كما هو أحد القولين في "الوجيز" وغيره، وهو الذي رجَّحه المحاملي والشيخ أبو محمد والروياني وغيرهم، وبعضهم قطع به.
وخرج بقولنا:"مع الذكر"، [قضاء] شهوة الفرج ناسياً؛ فإنه لا يفسد الاعتكاف على الصحيح، كما لا يفسد الصوم، وقد قال الرافعي: إن الجهل بتحريم ذلك كالنسيان للاعتكاف في الإفساد.
فعلى هذا: ينبغي أني ضاف قيد "العلم بالتحريم" إلى الحد، لكني لم أذكره؛ لشيء سأبديه، وهو أنا قد ذكرنا أن النية لابد منها، وشرط المنوي: أن يكون معلوماً للناوي، وحينئذ فلا تصح نية الشيء ما لم يعلم ما هو ذلك الشيء؛ فلا يتصور الجهل بتحريم الجماع في الاعتكاف مع صحته إذن؛ ولأجل ذلك صور العلماء الأكل والجماع