خلاف أبي حنيفة، وقد حكى القاضي الحسين عن بعض أصحابنا موافقته.
وقد حكى الإمام عن رواية الشيخ أبي بكر أن من أصحابنا من لم يصحح الاعتكاف إلا يوماً أو ما يدنو من يوم؛ لأن نصف اليوم فما دونه مما يغلب جريان المكث في مثله لعامة الناس؛ لحاجة تعن لهم في المساجد، ولا يثبت الاعتكاف إلا بمكث يظهر من مثله أن صاحبه معتكف في المسجد.
قال في "التتمة": [وهذا] يقرب من قول [من] لم يصحح التنفل بالصوم بنية بعد الزوال.
وحكى الفوراني وجهاً: أن من كان يعتاد دخول المسجد لإقامة الجماعة أو غيرها، وكان لا يظهر ما يخالف عادته في الدخول والخروج- فلو نوى كلما دخل الاعتكاف، لم يكن اعتكافاً؛ لأنه غير مخالف لعادته في دخلاته وخرجاته.
والصحيح عند من أثبت الخلاف في المسألة ما اقتضاه ما ذكرناه من الحد، وعبارة بعضهم تقتضي القطع به.
قال: الاعتكاف سنة، أي: سنة رسول الله صلى الله عليه ولم فإنه كان يعتكف العشر الأواسط من شهر رمضان، فلما كان ليلة الحادي والعشرين وهي الليلة التي كان يخرج في صبيحتها من اعتكافه، قال صلى الله عليه وسلم:"من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر" كذا رواه الشافعي بسنده عن أبي سعيد الخدري، وسنذكر رواية غيره عنه، إن شاء الله تعالى. ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى: ثم اعتكف أزواجه من بعده، كما أخرجه البخاري ومسلم.
وروى أبو هريرة أنه – عليه السلام – كان يعتكف كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً. أخرجه البخاري.